لِلزَّوْجِ الْمَالَ جَائِزٌ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَحَاطَ بِمَالِهَا كُلِّهِ، وَكَفَالَتُهَا فِي جَمِيعِ مَالِهَا وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ بَلَغَتْ جَمِيعَ مَالِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ كَفَالَةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا إذَا كَانَتْ مَرْضِيَّةً.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَالِكًا لِمَ جَوَّزَ عَطِيَّتَهَا لِلزَّوْجِ الْمَالَ كُلَّهُ، وَجَعَلَهُ خِلَافَ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ إذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً فِي حَالِهَا؟
قَالَ: لِأَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ لِمَالِهَا وَيَرْفَعُ فِي صَدَاقِهَا لِمَالِهَا، فَهُوَ خِلَافُ غَيْرِهِ فِي هَذَا إنَّمَا أَعْطَاهَا إيَّاهُ عَلَى بُضْعِهَا وَمَالِهَا.
قَالَ سَحْنُونٌ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ: «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا؟» . أَوْ لَا تَرَى أَنَّ شَهَادَةَ الزَّوْجِ لَا تَجُوزُ لَهَا وَمَالُهَا غَيْرُ مَالِهِ؟ وَرَأَى أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ أَنْ تَبْلُغَ بِعَطِيَّتِهَا الثُّلُثَ بِغَيْرِ أَمْرِ الزَّوْجِ. وَكَانَ الْمَخْزُومِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ لَمْ يَبْطُلْ الثُّلُثُ. كَالْمَرِيضِ يُوصِي بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ، فَيَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ. وَقَالَ غَيْرُ الْمَخْزُومِيِّ: لَيْسَتْ كَالْمَرِيضِ. أَجَازَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَصِيَّةَ غُلَامٍ يَفَاعٍ، وَأَجَازَ ذَلِكَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَجَازَهُ النَّاسُ. وَلَيْسَ تَجُوزُ عَطِيَّتُهُ فِي صِحَّتِهِ، فِي قَلِيلٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا كَثِيرٍ. فَحُكْمُ الْمَرَضِ غَيْرُ حُكْمِ الصِّحَّةِ، فَاتَّبَعْنَا فِي هَذَا أَثَرَ مَنْ مَضَى مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى، الَّذِي مَضَى بِهِ الْعَمَلُ بِبَلَدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى.
[فِي كَفَالَةِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا ثُمَّ تَدَّعِي أَنَّهُ أَكْرَهَهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً تَكَفَّلَتْ لِرَجُلٍ بِزَوْجِهَا، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: أَكْرَهَنِي، أَيُقْبَلُ قَوْلُهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَطِيَّةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا الْمَالَ جَائِزٌ عَلَيْهَا وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِمَالِهَا كُلِّهِ، وَكَفَالَتُهَا فِي جَمِيعِ مَالِهَا وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ بَلَغَتْ جَمِيعَ مَالِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَفَالَةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا إذَا كَانَتْ مَرْضِيَّةً حَالُهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ وَإِنْ ادَّعَتْ الْإِكْرَاهَ فِي الْعَطِيَّةِ إذَا أَعْطَتْهُ زَوْجَهَا لَمْ تُصَدَّقْ، فَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ وَتَقُومُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ فَتَسْقُطُ عَنْهَا، كَمَا سَقَطَتْ عَطِيَّتُهَا عَلَى الْإِضْرَارِ.
[كَفَالَةِ الْمَرْأَةِ الْأَيِّمِ غَيْرُ ذَاتِ الزَّوْجِ]
فِي كَفَالَةِ الْمَرْأَةِ الْأَيِّمِ غَيْرُ ذَاتِ الزَّوْجِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كَفَالَةَ الْمَرْأَةِ، أَتَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الَّتِي لَيْسَ لَهَا زَوْجٌ: تَجُوزُ كَفَالَتُهَا فِي جَمِيعِ مَالِهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَيِّمًا لَا زَوْجَ لَهَا تَكَفَّلَتْ بِكَفَالَةٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهَا؟
قَالَ: نَعَمْ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ مَعْرُوفَهَا جَائِزٌ إذَا كَانَتْ لَا يُوَلَّى عَلَيْهَا.