[فِيمَنْ ارْتَهَنَ أَرْضًا فَأَذِنَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَهَنْت أَرْضًا فَأَتَانِي السُّلْطَانُ فَأَخَذَ مِنِّي خَرَاجَهَا، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرْجِعَ عَلَى رَبِّهَا بِذَلِكَ؟
قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ حَقًّا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَرْضًا ارْتَهَنْتهَا فَأَذِنْتُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزْرَعَهَا فَزَرْعَهَا، أَتَكُونُ خَارِجَةً مِنْ الرَّهْنِ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ زَرَعَهَا رَبُّهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدَيَّ؟
قَالَ: إذَا زَرَعَهَا رَبُّهَا فَلَيْسَتْ فِي يَدَيْكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ يَرْتَهِنُهَا ثُمَّ يَسْكُنُهَا رَبُّهَا، أَوْ الْعَبْدُ يَرْهَنُهُ ثُمَّ يَخْدُمُ الْعَبْدُ رَبَّهُ، فَهَذَا كُلُّهُ خُرُوجٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَاهَا الرَّاهِنُ بِأَمْرِ الْمُرْتَهِنِ؟
قَالَ: هَذَا خُرُوجٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَهَذَا إسْلَامٌ مِنْ الْمُرْتَهِنِ إلَى الرَّاهِنِ.
[فِي الرَّجُلَيْنِ يَرْتَهِنَانِ الثَّوْبَ بِيَدِ مَنْ يَكُونُ مِنْهُمَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَهَنَّا ثَوْبًا أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، عَلَى يَدَيْ مَنْ يَكُونُ؟
قَالَ: إنْ رَضِيتُمَا وَرَضِيَ الرَّاهِنُ مَعَكُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَى يَدَيْ أَحَدِكُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَاَلَّذِي لَيْسَ فِي يَدَيْهِ شَيْءٌ تَكُونُ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الضَّيَاعِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَحِصَّةُ الَّذِي الثَّوْبُ عَلَى يَدَيْهِ فِي الضَّيَاعِ مِنْهُ، وَهَذَا رَأْيِي قُلْتُ: فَإِنْ ارْتَهَنَا الثَّوْبَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ الرَّاهِنُ عَلَى يَدَيْ أَحَدِهِمَا، كَيْفَ يَصْنَعَانِ بِهِ هَذَانِ وَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ؟ قَالَ: يَجْعَلَانِهِ حَيْثُ شَاءَ وَهُمَا ضَامِنَانِ لَهُ.
[لِرَجُلَيْنِ عَلَيَّ رَجُل دِين مُفْتَرَق فَأَخَذَا بِذَلِكَ رَهْنًا وَاحِدًا]
فِي الرَّجُلَيْنِ يَكُونُ لَهُمَا دَيْنٌ مُفْتَرِقٌ دَيْنُ أَحَدِهِمَا مِنْ سَلَمٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ دَيْنُ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَالْأُخَرُ شَعِيرٌ فَأَخَذَ بِذَلِكَ رَهْنًا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ مُفْتَرِقٌ، دَيْنُ أَحَدِهِمَا مَنْ سَلَمٍ، وَدَيْنُ الْآخَرِ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ دَيْنُ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ، وَدَيْنُ الْآخَرِ شَعِيرٌ، فَأَخَذَا بِذَلِكَ رَهْنًا وَاحِدًا، أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَقْرَضَهُ قَرْضًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الْآخَرُ بَيْعًا وَيَأْخُذَ بِذَلِكَ جَمِيعًا رَهْنًا، فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً. وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ قَدْ وَجَبَ مِنْ بَيْعٍ وَمِنْ قَرْضٍ، وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ، فَلَا بَأْسَ بِمَا ذَكَرْتُ. وَإِنْ كَانَا أَقْرَضَاهُ جَمِيعًا مَعًا وَاشْتَرَطَا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُمَا، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَضَى أَحَدُهُمَا دَيْنَهُ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مَنْ الرَّهْنِ أَمْ لَا؟ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلَيْنِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا الدَّارُ فَيَرْهَنَاهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَيَأْتِي أَحَدُهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُرِيدُ أَنْ يَفْتَكَّ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ، فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا، إلَّا أَنَّ فِي مَسْأَلَتِكَ إنْ كَانَ كِتَابُهُمَا فِي ذِكْرِ حَقٍّ وَاحِدٍ، وَكَانَ دَيْنُهُمَا وَاحِدًا، فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْتَضِيَ حِصَّتَهُ دُونَ