للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِي الْقَوْمِ يَتَنَازَعُونَ عَفْوًا مِنْ الْأَرْضِ، فَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِبَيِّنَةٍ وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى الثِّقَةِ فِي الْبَيِّنَةِ وَالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، وَيَحْلِفُ أَصْحَابُهَا مَعَ شَهَادَتِهِمْ. وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ عَدَدًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا تَكَافِيًا وَتَكَاثُرًا لَمْ أَرَهَا شَهَادَةً، وَكَانَتْ الْأَرْضُ كَغَيْرِهَا مِنْ عَفْوِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تُسْتَحَقَّ بِأَثْبَتَ مِنْ هَذَا.

قُلْتُ: وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: حَتَّى تُسْتَحَقَّ بِأَثْبَتَ مِنْ هَذَا؟

قَالَ: حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِبَيِّنَةٍ هِيَ أَعْدَلُ مِنْ الْأُولَى.

[فِي التَّكَافُؤِ فِي الْبَيِّنَةِ هَلْ هُوَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الْعَدَالَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ التَّكَافُؤَ فِي الْبَيِّنَةِ، أَهُوَ فِي الْعَدَدِ عِنْدَ مَالِكٍ أَوْ فِي الْعَدَالَةِ؟

قَالَ: ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْعَدَالَةِ وَلَيْسَ فِي الْعَدَدِ.

قُلْتُ: فَرَجُلَانِ عَدْلَانِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَمِائَةُ رَجُلٍ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ، إذَا كَانَتْ عَدَالَةُ الرَّجُلَيْنِ وَعَدَالَةُ الْمِائَةِ سَوَاءً؟

قَالَ: نَعَمْ. وَحَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ الثَّعْلَبِيِّ قَالَ: «اخْتَصَمَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلَانِ فِي بَعِيرٍ، فَجَاءَ هَذَا بِشَاهِدَيْنِ وَجَاءَ هَذَا بِشَاهِدَيْنِ، فَقَسَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا.» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: إنَّهُ إذَا كَانَ الشُّهَدَاءُ فِي الْعَدَالَةِ سَوَاءً لَيْسَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَضْلٌ، اُسْتُحْلِفَا جَمِيعًا عَلَى مَا ادَّعَيَا، ثُمَّ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا. وَإِنَّمَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي رَجُلَيْنِ أَتَيَا جَمِيعًا يُمْسِكَانِ بِرَأْسِ دَابَّةٍ. ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الزِّنَادِ: أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا فَرَسًا فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةَ ذَوِي عَدْلٍ عَلَى أَنَّهَا فَرَسُهُ، فَقَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ.

[فِي تَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دُورٍ فِي يَدَيَّ، أَوْ عُرُوضٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مَنْ الْأَشْيَاءِ، أَنَّهَا لَهُ. وَأَقَمْت أَنَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لِي. مَنْ أَوْلَى بِذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَاَلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ أَوْلَى بِذَلِكَ قَالَ: وَلَا يَنْظُرُ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ إلَى كَثْرَةِ الْعَدَدِ، إنَّمَا لِعَدَالَةٍ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ عُدُولًا، وَهُمْ فِي الْعَدَالَةِ عِنْدَ النَّاسِ سَوَاءٌ. وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا اثْنَيْنِ وَالْآخَرِ مِائَةً، فَكَانَ هَذَانِ فِي الْعَدَالَةِ وَهَؤُلَاءِ الْمِائَةُ سَوَاءً، فَقَدْ تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَهِيَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، وَأَقَامَ الْآخَرُ مِائَةَ شَاهِدٍ، وَكَانَتْ الْمَرْأَتَانِ وَالرَّجُلُ فِي الْعَدَالَةِ مِثْلَ الْمِائَةِ الرَّجُلِ، أَلَيْسَ قَدْ تَكَافَأَتَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَالْبَيِّنَتَانِ قَدْ تَكَافَأَتَا عِنْدِي إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>