للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَبِيرٍ، مَا حَدُّهُمْ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِصَبِيٍّ رُجِمَ وَلَمْ يُرْجَمْ الصَّبِيُّ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَبِيرٌ بِكَبِيرٍ رُجِمَا جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ يُحْصَنَا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُرْجَمُ حَتَّى يُشْهَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَيْهِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ مِنْ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ يُرْجَمَانِ جَمِيعًا قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ اُغْتُصِبَ الْمَفْعُولُ بِهِ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ. قُلْت: أَفَيَكُونُ لَهُ الصَّدَاقُ لِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ؟ قَالَ: لَا، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا الصَّدَاقُ لِلنِّسَاءِ. وَالنِّسَاءُ اللَّاتِي يَجِبُ الصَّدَاقُ لَهُنَّ فِي النِّكَاحِ، وَلَيْسَ يَجِبُ لِهَذَا الصَّدَاقُ فِي النِّكَاحِ وَهَذَا لَا يُعْقَدُ نِكَاحُهُ بِالْمَهْرِ كَمَا يُعْقَدُ نِكَاحُ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا رُجِمَ بِالْفَاحِشَةِ الَّتِي أَذْنَبَهَا، فَإِنْ كَانَ مَغْصُوبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا مَهْرَ لَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَأْتِي الْبَهِيمَةَ، مَا يُصْنَعُ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَرَى فِيهِ النَّكَالَ وَلَا أَرَى فِيهِ الْحَدَّ. قُلْت: فَهَلْ تُحْرَقُ الْبَهِيمَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ تُحْرَقَ، لِأَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ حَدِيثٍ يَذْكُرُهُ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: «أَنَّ مَنْ غَلَّ أُحْرِقَ رَحْلُهُ.» فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إنْكَارًا شَدِيدًا، وَأَعْظَمَ أَنْ يُحْرَقَ رَحْلُ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. قُلْت: فَهَلْ يَضْمَنُ هَذَا الرَّجُلُ الْبَهِيمَةَ الَّتِي جَامَعَهَا؟ قَالَ: لَا يَضْمَنُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ رَأْيِي. قُلْت: فَهَلْ يُؤْكَلُ لَحْمُهَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَلَيْسَ وَطْؤُهُ إيَّاهَا مِمَّا يُحَرِّمُ لَحْمَهَا.

[فِيمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ أَوْ بَهِيمَةٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا لُوطِيُّ أَوْ يَا عَامِلَ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: يَا لُوطِيُّ. جُلِدَ حَدَّ الْفِرْيَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِبَهِيمَةٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْهُ إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ الْحَدَّ، وَيُؤَدَّبُ قَائِلُ ذَلِكَ لَهُ أَدَبًا مُوجِعًا لِأَنَّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: إنَّ الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَةَ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ فِيهِ الْحَدُّ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ مَا لَا يُقَامُ فِيهِ الْحَدُّ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ رَمَاهُ بِذَلِكَ حَدُّ الْفِرْيَةِ.

قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِلْقُضَاةِ أَنْ يَسْتَشِيرُوا الْعُلَمَاءَ؟ : قَالَ سَمِعْته يَقُولُ: إنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا حَتَّى يَكُونَ عَارِفًا بِمَا مَضَى مُسْتَشِيرًا لِذَوِي الرَّأْيِ.

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَذَفَ رَجُلًا، فَلَمَّا قَدَّمَهُ لِيَأْخُذَ مِنْهُ حَدَّ الْفِرْيَةِ قَالَ الْقَاذِفُ: اسْتَحْلِفْهُ لِي أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُ يَحْلِفُ فِي هَذَا، وَلَكِنْ يُضْرَبُ الْقَاذِفُ الْحَدَّ وَلَا يَحْلِفُ الْمَقْذُوفُ. وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُقَالُ لَهُ: يَا زَانٍ وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ زَنَى. أَتَرَى أَنْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ أَمْ يَتْرُكَهُ؟ قَالَ: بَلْ يَضْرِبُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَتَى بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى السَّرِقَةِ، أَيَسْتَحْلِفُهُ مَعَ شَاهِدِهِ وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ وَلَا تُقْطَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>