للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَلِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ أَنْ أَنْقُدَ الثَّوْبَ كَمَا كَرِهَ النَّقْدَ فِي الدَّنَانِيرِ؟

قَالَ: لِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْتَفَعُ بِهِ وَيُلْبَسُ فَلَا خَيْرَ فِي النَّقْدِ فِي ذَلِكَ.

قَالَ: وَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ بِزَرْعِ رَجُلٍ فَرَآهُ وَهُوَ مِنْهُ عَلَى مَسِيرَةِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ أَدْرَكَتْ الصَّفْقَةُ الزَّرْعَ وَلَمْ تُصِبْهُ آفَةٌ فَهُوَ مَنْ الْمُبْتَاعِ أَتُرَى هَذَا الْبَيْعَ جَائِزًا أَوْ يَكُونُ مِثْلَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ فِي الشُّرُوطِ وَالنَّقْدِ؟

قَالَ: أُرَاهُ بَيْعًا جَائِزًا، وَأُرَاهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ إذَا اشْتَرَطَ الصَّفْقَةَ إنْ أُصِيبَ بَعْدَ الصَّفْقَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا اشْتَرَيْت مِنْ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا غَائِبَةٍ عَنِّي بَعِيدَةٍ مِمَّا لَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهَا فَمَاتَتْ بَعْدَ الصَّفْقَةِ مِمَّنْ ضَمَانُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا وَآخِرُ قَوْلِهِ أَنْ جَعَلَ مُصِيبَةَ الْحَيَوَانِ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُشْتَرِي الصَّفْقَةُ وَالدُّورُ وَالْأَرَضِينُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَحَبُّ قَوْلِهِ إلَيَّ مِنْ الْحَيَوَانِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَائِعِ، وَأَمَّا الدُّورُ وَالْأَرَضُونَ فَهِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى كُلِّ حَالٍ فِيمَا أَصَابَهَا بَعْدَ الصَّفْقَةِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ سَيْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَرَضِينَ وَالدُّورَ قَالَ لِي مَالِكٌ: يَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ وَإِنْ بَعُدَتْ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ، وَالْحَيَوَانُ لَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ، وَلِذَلِكَ رَأَيْتُ الدُّورَ وَالْأَرَضِينَ مِنْ الْمُشْتَرِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت مِنْهُ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً غَائِبَةً فَأَخَذْتُ مِنْهُ بِهَا كَفِيلًا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ فِي هَذَا كَفَالَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى مِنْهُ غَائِبًا بِعَيْنِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ أَوْ الْعَبْدُ لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ شَيْئًا وَلَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهِ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِمَّا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهَا لَمْ يَصْلُحْ الْكَفِيلُ فِيهَا أَيْضًا؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِمَّا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهَا فَمَاتَتْ فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْعَبْدِ الْغَائِبِ أَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْيَوْمَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَك فَمُصِيبَتُهَا مِنْك فَيَشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَتَلَفُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ تَلَفُهَا بَعْدَ الصَّفْقَةِ وَكَانَتْ يَوْمَ تَلِفَتْ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَك قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ لِي مَالِكٌ فِي قُرْبِ السِّلْعَةِ وَلَا بُعْدِهَا شَيْئًا، وَأَرَى أَنَا أَنَّ ذَلِكَ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ سَوَاءٌ إلَّا فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ.

[اشْتَرَى سِلْعَة غَائِبَة قَدْ رَآهَا فَيُرِيد أَنْ يَنْقُد فِيهَا أَوْ يَبِيعهَا مِنْ صَاحِبهَا قَبْل أَنْ يَسْتَوْفِيهَا أَوْ مِنْ غَيْرهِ]

فِي اشْتِرَاءِ سِلْعَةٍ غَائِبَةٍ قَدْ رَآهَا أَوْ وُصِفَتْ لَهُ فَيُرِيدُ أَنْ يَنْقُدَ فِيهَا أَوْ يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت سِلْعَةً أَوْ حَيَوَانًا قَدْ رَأَيْت ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ أَشْتَرِيَهُ أَوْ اشْتَرَيْت

<<  <  ج: ص:  >  >>