للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا، فَإِنْ فَاتَ ضَمِنَ الْأَبُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ هَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ الْمُحَابَاةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ الَّذِي ذَكَرْتُ مِمَّا فَعَلَهُ الْأَبُ فِي مَالِ ابْنِهِ، إنْ كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَالْمُحَابَى وَالْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ أَتْلَفَ تِلْكَ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْمُحَابَاةَ بِعَيْنِهَا وَهُوَ مَلِيٌّ، أَيَكُونُ لِلْأَبِ إذَا غَرِمَ ذَلِكَ لِلصَّبِيِّ، أَوْ لِلصَّبِيِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَا أَتْلَفَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ؟ وَكَيْفَ إنْ كَانَ عَدِيمًا وَقَدْ اسْتَهْلَكَ تِلْكَ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْمُحَابَاةَ، فَأَرَادَ الْأَبُ أَوْ الِابْنُ أَنْ يَتْبَعَاهُ بِقِيمَةِ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْ ذَلِكَ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ، لَمْ يَكُنْ لِلِابْنِ وَلَا لِلْأَبِ أَنْ يَتْبَعَا الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَلَا الْمُحَابَى وَلَا الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلِابْنِ عَلَى الْأَبِ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَا عَدِيمَيْنِ الْأَبُ وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ؟

قَالَ: يَتْبَعُ الصَّبِيُّ أَيَّهُمَا أَيْسَرَ أَوَّلًا الْأَبُ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلِلِابْنِ أَنْ يَتْبَعَ أَوَّلَهُمَا يُسْرًا بِقِيمَةِ مَالِهِ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَبُ اتَّبَعَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنَّهُ رَأْيِي.

أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا تَصَدَّقَ الْأَبُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ وَالِابْنُ صَغِيرٌ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا لَمْ يَجُزْ وَرُدَّ، فَإِنْ فَاتَ ضَمِنَ وَلِلِابْنِ أَنْ يَتْبَعَهُ إذَا أَيْسَرَ، أَوْ يَتْبَعَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ. قَالَ: يَتْبَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ إلَّا أَنْ يُوسِرَ الْأَبُ أَوَّلًا، فَيَقُولَ الِابْنُ أَنَا أَتْبَعُ الْأَجْنَبِيَّ وَلَا أَتْبَعُ أَبِي، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلِابْنِ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ، لَمْ يَكُنْ لِلِابْنِ أَنْ يَتْبَعَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَيَتْرُكَ الْأَبَ. قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ غُلَامًا لِابْنِهِ صَغِيرًا فِي حِجْرِهِ جَازَ إنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ أَعْتَقَ وَكَانَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا يَوْمَ أَعْتَقَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَرُدَّ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ زَمَانُ ذَلِكَ وَيَنْكِحَ الْحَرَائِرَ وَتَجُوزَ شَهَادَتُهُ، فَلَا أَرَى أَنْ يَرُدَّ وَيَتَّبِعُ الْأَبَ بِقِيمَتِهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَيْسَرَ الْأَبُ أَوَّلَهُمَا فَغَرِمَ ذَلِكَ لِلِابْنِ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا: فَإِنْ أَيْسَرَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَغَرِمَ ذَلِكَ لِلِابْنِ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ الْأَبَ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ الْأَبَ بِذَلِكَ.

[مَا جَاءَ فِي وَصِيِّ الْأُمِّ وَمُقَاسَمَتِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً هَلَكَتْ وَتَرَكَتْ وَلَدًا صَغِيرًا يَتِيمًا لَا وَصِيَّ لَهُ، فَأَوْصَتْ الْأُمُّ بِالصَّبِيِّ وَبِمَالِهَا إلَى رَجُلٍ وَلَهَا وَرَثَةٌ سِوَى الصَّبِيِّ فَقَاسَمَ وَصِيُّ الْأُمِّ لِهَذَا الصَّبِيِّ الَّذِي أَوْصَتْ بِهِ الْأُمُّ إلَيْهِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ مِنْ وَصِيَّةِ الْأُمِّ شَيْءٌ، وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِمَّا صَنَعَ وَصِيُّ الْأُمِّ، وَلَيْسَ وَصِيُّ الْأُمِّ بِوَصِيٍّ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>