وَرَضِيَ بِالْعَيْبِ كَانَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ، وَلَا يَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى قَوْلِ الْعَبْدِ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ صَارَ إلَى السَّيِّدِ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَقْبَلَ، أَلَا تَرَى أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى رَقِيقًا ثُمَّ مَنَعَهُ مِنْ التِّجَارَةِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْإِذْنَ ثُمَّ أَصَابَ السَّيِّدُ بِالْعَبْدِ عَيْبًا أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرُدَّ أُولَئِكَ الْعَبِيدَ بِعَيْبِهِمْ الَّذِي وَجَدَ بِهِمْ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ قَدْ رَأَى الْعَيْبَ وَرَضِيَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ رِضَاهُ مَعْرُوفًا وَلَا مُحَابَاةً، وَلَكِنَّهُ رَضِيَهُ رَجَاءَ الْفَضْلِ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ، وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ لِهَذَا السَّيِّدِ يَرُدُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُكَاتِبُ بِالْعَيْبِ حَتَّى عَجَزَ أَوْ كَانَ عَبْدًا يَحْجُرُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ صَارَ لِلسَّيِّدِ وَالْمَالُ قَدْ صَارَ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِي مَالِهِ صَنِيعٌ إلَّا بِأَمْرِ سَيِّدِهِ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُكَاتِبًا اشْتَرَى عَبْدًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَأَصَابَ السَّيِّدُ بِالْعَبْدِ عَيْبًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ؟ قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَدْ تَبَرَّأَ مِنْ الْعَيْبِ إلَى الْمُشْتَرِي الْمُكَاتِبِ وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ فَيَهْلِكُ الْمُشْتَرِي فَيَجِدُ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ عَيْبًا فَيُرِيدُونَ رَدَّهَا فَيَقُولُ الْبَائِعُ: قَدْ تَبَرَّأْتُ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ إلَى صَاحِبِكُمْ، قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا أَحْلَفَ الْوَرَثَةَ الَّذِينَ يَظُنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا بِذَلِكَ وَرَدُّوا الْعَبْدَ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ أَعَلَى الْبَتَاتِ أَمْ عَلَى الْعِلْمِ؟
قَالَ سَحْنُونٌ: أَخْبَرَنِي ابْنُ نَافِعٍ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْعِلْمِ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ؟
قَالَ: فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُكَاتِبًا بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّهُ؟ قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ الْعَبْدُ الْمَرْدُودُ فَقَضَى الَّذِي رَدَّهُ بِالْعَيْبِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ إنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ لِذَلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ لِلْعَبْدِ الَّذِي عَجَزَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نُقْصَانٌ كَانَ عَلَيْهِ يَتَّبِعُهُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي عَجَزَ دَيْنٌ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ كَانَ هُوَ وَالْغُرَمَاءُ فِيهِ شَرْعًا سَوَاءٌ
[يَبِيعُ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِسِلْعَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْهُ]
فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِسِلْعَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي بِعْتُ عَبْدِي مِنْ نَفْسِهِ بِجَارِيَةٍ عِنْدَهُ فَقَبَضْتُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ أَصَبْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute