قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى إنْ هُوَ تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ أَبَدًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جُنُبًا أَصَابَهُ كَسْرٌ أَوْ شَجَّةٌ وَكَانَ يَنْكُبُ عَنْهَا الْمَاءَ لِمَوْضِعِ الْجَبَائِرِ فَإِنَّهُ إذَا صَحَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَبَائِرُ أَوْ الشَّجَّةُ.
قُلْتُ: فَإِنْ صَحَّ وَلَمْ يَغْسِلْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ حَتَّى صَلَّى صَلَاةً أَوْ صَلَوَاتٍ؟
قَالَ: إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُصِيبُهُ الْوُضُوءُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْكِبِ أَوْ الظَّهْرِ، فَأَرَى أَنْ يُعِيدَ كُلَّ مَا صَلَّى مِنْ حِينِ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمَسَّهُ بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَقِيَ فِي جَسَدِهِ مَوْضِعٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فِي جَنَابَةٍ اغْتَسَلَ مِنْهَا حَتَّى صَلَّى صَلَوَاتٍ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِالْمَاءِ فَقَطْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الظُّفُرِ يَسْقُطُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَكْسِيَ الدَّوَاءَ ثُمَّ يُمْسَحَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَالْمَرْأَةُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ هِيَ مِثْلُهُ. قَالَ: ابْنُ وَهْبٍ وَقَدْ قَالَ: يَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ رَبِيعَةُ: وَالشَّجَّةُ فِي الْوَجْهِ يُجْعَلُ عَلَيْهَا الدَّوَاءُ وَيُمْسَحُ عَلَيْهَا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقِرْطَاسِ أَوْ لِشَيْءٍ يُجْعَلُ عَلَى الصُّدْغِ مِنْ صُدَاعٍ أَوْ مِنْ وَجَعٍ بِهِ أَنَّهُ يُمْسَحُ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ.
[وُضُوءِ الْأَقْطَعِ]
مَا جَاءَ فِي وُضُوءِ الْأَقْطَعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قُطِعَتْ رِجْلَاهُ إلَى الْكَعْبَيْنِ قَالَ: إذَا تَوَضَّأَ غَسَلَ بِالْمَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَغَسَلَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ أَيْضًا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيَبْقَى مِنْ الْكَعْبَيْنِ شَيْءٌ؟
قَالَ: نَعَمْ إنَّمَا يُقْطَعُ مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَيْنِ وَيَبْقَى الْكَعْبَانِ فِي السَّاقَيْنِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] . وَلَقَدْ وَقَفْتُ مَالِكًا عَلَى الْكَعْبَيْنِ اللَّذَيْنِ إلَيْهِمَا حَدُّ الْوُضُوءِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَوَضَعَ لِي يَدَهُ عَلَى الْكَعْبَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي أَسْفَلِ السَّاقَيْنِ فَقَالَ لِي: هَذَانِ هُمَا.
قُلْتُ: فَإِنْ هُوَ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ أَيَغْسِلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ وَيَغْسِلُ مَوْضِعَ الْقَطْعِ؟
قَالَ: لَا يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْقَطْعِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ شَيْءٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ شَيْئًا مِنْ يَدَيْهِ إذَا قُطِعَتَا مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ شَيْءٌ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْقَطْعَ قَدْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَرْفِقَانِ فِي الذِّرَاعَيْنِ فَلَمَّا ذَهَبَ الْمَرْفِقَانِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ، قَالَ: وَأَمَّا الْكَعْبَانِ فَهُمَا بَاقِيَانِ فِي السَّاقَيْنِ فَلِذَلِكَ غُسِلَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا، قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الذِّرَاعَيْنِ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالتَّيَمُّمُ هُوَ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الْوُضُوءِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ فِي الْعَضُدَيْنِ يَعْرِفُ ذَلِكَ النَّاسُ وَيَعْرِفُهُ الْعَرَبُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلْيَغْسِلْ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ.