للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشْتَرِي وَيَبِيع، فَلَا يُسْتَنْفَقُ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ فِي السُّوقِ يَشْتَرِي وَيَبِيع، يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إلَى أَهْلِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَغَدَّى بِالْأَفْلُسِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي بِشْرٌ وَمَسْلَمَةُ أَنَّهُمَا سَمِعَا الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ الرَّجُلِ يَأْخُذُ الْمَالَ مُضَارَبَةً، مَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ؟ قَالَ: مِثْلُ الَّذِي يَأْكُلُ فِي أَهْلِهِ فِي غَيْرِ إسْرَافٍ، وَلَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ، وَلَا يُهْدِي مِنْهُ هَدِيَّةً، وَلَا يَصْنَعُ مِنْهُ طَعَامًا يَدْعُو عَلَيْهِ.

[فِي الْمُقَارَضِ يَسْتَأْجِرُ الْأُجَرَاءَ وَالْبُيُوتَ مِنْ الْقِرَاضِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُقَارَضَ، أَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ يَعْمَلُونَ مَعَهُ فِي الْمُقَارَضَةِ، وَيَسْتَأْجِرَ الْبُيُوتَ لِيَجْعَلَ فِيهَا مَتَاعَ الْمُقَارَضَةِ، وَيَسْتَأْجِرَ الدَّوَابَّ يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَتَاعَ الْقِرَاضِ؟ قَالَ: نَعَمْ، عِنْدَ مَالِكٍ هَذَا جَائِزٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَخْدِمَهُ فِي سَفَرِهِ، أَتَكُونُ إجَارَةُ الْأَجِيرِ مَنْ الْقِرَاضِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ مِثْلَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ، وَالْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، فَذَلِكَ لَهُ. وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ بَيْنَ النَّاسِ: أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ، عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ فِي الْمَالِ، وَطَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ فِي سَفَرِهِ، وَمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ، بِقَدْرِ الْمَالِ إذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ الْمَالِ وَلَا كِسْوَةَ، وَأَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ الْمَالِ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ بَعْضَ مَنْ يَكْفِيهِ بَعْضَ مُؤْنَتِهِ، وَمِنْ الْأَعْمَالِ أَعْمَالٌ لَا يَعْلَمُهَا الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ يَعْمَلهَا، فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ الْمَالِ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَهَبَ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يُوَلِّيَ مِنْهُ وَلَا يُعْطِيَ مِنْهُ أَحَدًا، وَلَا يُكَافِئَ فِيهِ أَحَدًا. فَأَمَّا أَنْ يَجْتَمِعَ هُوَ وَقَوْمٌ فَيَأْتُونَ بِطَعَامٍ وَيَأْتِي بِطَعَامٍ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاسِعًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ - إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يُفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَعَمَّدْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ، فَإِنْ حَلَّلَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَلِّلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِهِ، إذَا كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ. وَذَلِكَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ.

[فِي التَّاجِرِ الْحَاجِّ يَأْخُذُ مَالًا قِرَاضًا]

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: قُلْنَا لِمَالِكٍ: إنَّ عِنْدَنَا تُجَّارًا قَدْ عَرَفُوا أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، يَأْخُذُونَ الْمَالَ قِرَاضًا، فَيَشْتَرُونَ الْبِغَالَ وَالرَّقِيقَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَيَخْرُجُونَ فَيَشْهَدُونَ بِهَا الْمَوْسِمَ، فَلَوْلَا ذَلِكَ مَا خَرَجُوا إلَى الْمَوْسِم فِيمَا يَظُنُّ بِهِمْ، أَفَتَرَى لَهُمْ نَفَقَةً فِي مَالِ الْقِرَاضِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَخْرُجُ حَاجًّا، وَتَكُونُ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَأَبَى ذَلِكَ وَقَالَ: لَا نَفَقَةَ لَهُ وَلَا لِلْغَازِي قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَفِي رُجُوعِهِ؟ فَقَالَ: وَلَا فِي رُجُوعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>