لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا رَأْيِي.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ: قَدْ كُنْت أَعْتَقْته قَبْلَ أَنْ يَأْبَقَ مِنِّي أَوْ دَبَّرْته قَبْلَ أَنْ يَأْبَقَ مِنِّي؟ قَالَ: أَمَّا التَّدْبِيرُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا أَرَى أَيْضًا أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ، لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ هُوَ نَفْسُهُ ثُمَّ قَالَ: قَدْ كُنْت أَعْتَقْته لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ.
قُلْت: أَرَأَيْت إذَا أَتَى سَيِّدُهَا وَهِيَ أَمَةٌ لَهُ وَقَدْ كَانَ بَاعَهَا السُّلْطَانُ بَعْدَمَا حَبَسَهَا سَنَةً، فَقَالَ سَيِّدُهَا: قَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنِّي وَوَلَدُهَا قَائِمٌ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تُرَدَّ إلَى سَيِّدِهَا إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهَا، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ بَاعَ جَارِيَةً لَهُ وَوَلَدَهَا. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: هَذَا الْوَلَدُ الَّذِي بِعْت مَعَهَا هُوَ مِنِّي، قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْعِتْقِ: إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَلَمْ تُرَدَّ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَقَالَ بَعْدَمَا بَاعَهَا: قَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنِّي؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تُرَدَّ إذَا لَمْ يُتَّهَمُ فِي مِثْلِهَا، كَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.
[فِيمَنْ اغْتَصَبَ عَبْدًا فَمَاتَ]
َ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اغْتَصَبَ عَبْدًا فَمَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ مَوْتًا ظَاهِرًا، أَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ.
قُلْت: أَرَأَيْت الْعَبْدَ الْآبِقَ، أَيَجُوزُ تَدْبِيرُ سَيِّدِهِ فِيهِ وَعِتْقُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ بِإِبَاقِ الْعَبْدِ.
قُلْت: أَرَأَيْت الْعَبْدَ الْآبِقَ، أَيَبِيعُهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ آبِقٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا.
قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ وَهَبَ عَبْدًا لَهُ آبِقًا، أَتَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِغَيْرِ الثَّوَابِ جَازَتْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ لِلثَّوَابِ لَمْ تَجُزْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَبَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ.
[فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْآبِقِ]
ِ قُلْت: أَرَأَيْت الْآبِقَ إذَا زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ، أَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّ الْآبِقَ إذَا سَرَقَ قُطِعَ، فَالْحُدُودُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ السَّرِقَةِ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إلَى قَاضٍ بِكِتَابٍ مِنْ قَاضٍ: أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ عِنْدِي قَوْمٌ أَنَّ فُلَانًا صَاحِبُ كِتَابِيِّ إلَيْك قَدْ هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ، صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا، فَوَصَفَهُ وَجَلَاهُ، وَعِنْدَ الْقَاضِي عَبْدٌ آبِقٌ مَحْبُوسٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي كَتَبَ بِهَا الْقَاضِي إلَيْهِ، أَتَرَى أَنْ يُقْبَلَ كِتَابُ الْقَاضِي وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَتَبَ بِهَا الْقَاضِي إلَيْهِ يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يُقْبَلَ الْكِتَابُ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي فِيهِ وَيَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَيْهِ قُلْتُ: وَتَرَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الصِّفَةِ وَيَكْتُبُ بِهَا إلَى قَاضٍ آخَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: