للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرَاثًا، مُنِعَ مِنْ قَبْضِهَا لِغَيْرِ شَيْءٍ عُقِدَ فِيهَا مِمَّا مِثْلُهُ يُعْقَدُ فِي الصَّدَقَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَبْتِلَهَا لَهُ وَيُعْطِيَهُ إيَّاهَا.

[فِي حَوْزِ الْأُمِّ فِيمَا لَوْ وَهَبْت لِوَلَدِهَا الصِّغَارِ هِبَةً وَهُمْ فِي حِجْرِهَا]

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ الْأُمَّ وَهَبْت لِوَلَدِهَا الصِّغَارِ هِبَةً وَهُمْ فِي حِجْرِهَا، وَأَشْهَدَتْ لَهُمْ، أَهِيَ فِي الْحِيَازَةِ مِثْلُ الْأَبِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَكُونُ حَائِزَةً لَهُمْ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً لَهُمْ، فَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً فَذَلِكَ جَائِزٌ. قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لِلْوَالِدِ أَوْ وَصِيَّةَ وَصِيِّ الْوَالِدِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؟

قَالَ: نَعَمْ.، لِأَنَّ وَصِيَّ الْوَصِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ، وَهِيَ وَصِيَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ، قُلْت: فَالْأُمُّ تَكُونُ حَائِزَةً صَدَقَتَهَا أَوْ هِبَتَهَا عَلَى وَلَدِهَا الصِّغَارِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَقَدْ أَخْبَرْتُك بِذَلِكَ، قُلْت: أَرَأَيْت الْجَارِيَةَ إذَا حَاضَتْ وَلَيْسَ لَهَا وَالِدٌ، وَوَهَبَتْ لَهَا أُمُّهَا هِبَةً وَالْأُمُّ وَصِيَّتُهَا وَهِيَ فِي حِجْرِ أُمِّهَا، أَتَكُونُ الْأُمُّ حَائِزَةً لَهَا هِبَتَهَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ؟

قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّ أَفْعَالَهَا لَا تَجُوزُ فِي هِبَتِهَا وَصَدَقَتِهَا حَتَّى يَبْرُزَ وَجْهُهَا وَيُؤْنَسَ مِنْهَا الرُّشْدُ، وَهِيَ فِيمَا يُقْبَضُ لَهَا كَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَرَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ مَا قَالُوا.

[فِي حَوْزِ الْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِير]

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْأَبِ إنَّهُ يَحُوزُ لِابْنَتِهِ وَإِنْ طَمَثَتْ إذَا تَصَدَّقَ هُوَ عَلَيْهَا بِصَدَقَةٍ فَهُوَ الْحَائِزُ لَهَا. قُلْت: فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَلَمْ تَقْبِضْ صَدَقَتَهَا حَتَّى مَاتَ الْأَبُ، أَيَبْطُلُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ حَسُنَتْ حَالُهَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَجَازَ أَمْرُهَا فَلَمْ تَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ، فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِحَالِ سَفَهٍ جَازَ ذَلِكَ لَهَا، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: الْأَبُ يَحُوزُ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ إذَا كَانَ سَفِيهًا سَحْنُونٌ: أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] سُورَةُ النِّسَاءِ وَبُلُوغُ النِّكَاحِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْحَيْضِ. فَقَدْ مَنَعَهُمْ اللَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَعَ الْأَوْصِيَاءِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَّا بِالرُّشْدِ، فَكَيْفَ مَعَ الْآبَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَمْلَكُ بِهِمْ مِنْ الْأَوْصِيَاءِ وَإِنَّمَا الْأَوْصِيَاءُ بِسَبَبِ الْآبَاءِ. ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّهُ يَتِيمٌ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا كَانَ سَفِيهًا. وَقَالَ شُرَيْحٌ: الْيَتِيمَةُ تُسْتَشَارُ فِي نَفْسِهَا وَلَا تُسْتَشَارُ فِي نَفْسِهَا إلَّا بَالِغٌ، وَقَدْ سَمَّاهَا شُرَيْحٌ يَتِيمَةً وَهِيَ بَالِغٌ، وَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَفَى بِقَوْلِهِ حُجَّةً مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْيَتِيمَةُ تُسْتَشَارُ فِي نَفْسِهَا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>