للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَائِبُ حَاضِرًا لَمْ يُجِزْهُ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ قُلْتُ: وَجَعَلْت السُّلْطَانَ مَكَانَ ذَلِكَ الْغَائِبِ وَجَعَلْته أَوْلَى مِنْ هَذَا الْوَلِيِّ الْحَاضِرِ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: مِنْهَا قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيِي كُلُّهُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ وَلِيًّا قَالَتْ لَهُ وَلِيَّتُهُ زَوِّجْنِي فَقَدْ وَكَّلْتُك أَنْ تُزَوِّجَنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت، فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى يُسَمِّيَ لَهَا مَنْ تُرِيدُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ، وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدًا قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَهُ لَهَا وَأَنْكَرَتْ كَانَ ذَلِكَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيَّنَ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت وَلَمْ تَذْكُرْ لَهُ نَفْسَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا نَفْسَهُ فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إذَا لَمْ تُجِزْ مَا صَنَعَ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ لَهَا فَهُوَ جَائِزٌ قُلْتُ: فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ فَبَلَغَهَا فَرَضِيَتْ بِذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ وَكَّلَتْهُ بِتَزْوِيجِهَا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ نَفْسِهِ أَوْ ابْنِهِ بِرِضَاهَا أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَجُوزُ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَيَجُوزُ أَمْرُهُ كَمَا يَجُوزُ أَمْرُ الْوَلِيِّ

قُلْتُ: أَرَأَيْت إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ نَفْسِهِ أَوْ ابْنِهِ فَفَسَخَ الْوَلِيُّ نِكَاحَهُ، أَيَكُونُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُنْكِحُ الْمَرْأَةَ إلَّا وَلِيُّهَا أَوْ ذُو الرَّأْي مِنْ أَهْلِهَا أَوْ السُّلْطَانُ، فَهَذَا السُّلْطَانُ فَإِذَا كَانَ أَصَابَ وَجْهَ النِّكَاحِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ جَوْرًا رَأَيْتُهُ جَائِزًا قُلْتُ: أَفَلَيْسَ الْحَدِيثُ إنَّمَا يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ؟

قَالَ: لَا، أَلَا تَرَى فِي الْحَدِيثِ: " وَلِيُّهَا أَوْ ذُو الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ السُّلْطَانُ "، فَقَدْ جَعَلَ إلَيْهِمْ النِّكَاحَ بَيْنَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ يُزَوِّجُهَا أَخُوهَا وَثَمَّ أَبُوهَا فَأَنْكَرَ أَبُوهَا، قَالَ مَالِكٌ: مَا لِأَبِيهَا وَمَا لَهَا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا وَأَرَى أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: أَرْسَلَتْ أُمُّ قَارِظٍ بِنْتُ شَيْبَةَ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ خُطِبَتْ فَقَالَ لَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ جَعَلْت إلَيَّ أَمْرَك؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَكَانَهُ وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ إذَا وَلَّتْهُ بُضْعَهَا فَأَنْكَحَ نَفْسَهُ وَأَحْضَرَ الشُّهَدَاءَ إذَا أَذِنَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ

[إنْكَاحُ الرَّجُلِ ابْنَهُ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَفِي إنْكَاحِ الرَّجُلِ الْحَاضِرِ الرَّجُلَ الْغَائِبَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَوَّجَ رَجُلٌ ابْنَهُ ابْنَةَ رَجُلٍ وَالِابْنُ سَاكِتٌ حَتَّى فَرَغَ الْأَبُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>