للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي أَكْلِ الْعَامِلِ مِنْ الْقِرَاضِ]

ِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّمَا يَأْكُلُ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، إذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ مِنْ بَلَدِهِ، وَلَيْسَ حِينَ يَشْتَرِي وَيَتَجَهَّرُ فِي بَلَدِهِ، وَلَكِنْ حِينَ يَخْرُجُ إذَا تَوَجَّهَ وَقَالَ: لِلْعَامِلِ إذَا سَافَرَ النَّفَقَةُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ النَّفَقَةِ إلَى صَاحِبِهِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَافَرَ سَفَرًا قَرِيبًا، أَيَأْكُلُ مَنْ مَالِ الْقِرَاضِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، يَأْكُلُ مِنْهُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا. فَإِذَا رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَمْ يَكْتَسِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ سَفَرًا قَرِيبًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا بِمَوْضِعِ إقَامَةٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْكِسْوَةِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ غَرِيبٍ قَدِمَ الْفُسْطَاطَ مَالًا قِرَاضًا، عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ بِالْفُسْطَاطِ يُقِيمُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ غَرِيبٌ، وَبِالْفُسْطَاطِ أَعْطَيْته الْمَالَ، إلَّا أَنَّهُ غَرِيبٌ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ قَوْلَ مَالِكٍ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ الَّذِي قَالَ مَالِكٌ، لَا يُنْفِقُ فِي الْمَالِ حَتَّى يَطْعَنَ مَنْ هُوَ فِي أَهْلِهِ مِنْ الْفُسْطَاطِ، أَوْ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْفُسْطَاطِ، وَلَيْسَ لَهُ بِهَا أَهْلٌ فَأَمَّا الْغُرَبَاءُ الَّذِينَ احْتَبَسُوا عَلَى الْعَمَلِ بِمَالِ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُنْفِقُوا، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ يَسْكُنُ الْبَلَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا أَهْلٌ، أَوْ قَدِمَ يَسْكُنُ فَلَا أَرَى لَهُ نَفَقَةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ظَعَنَ إلَى الْمَدِينَةِ فِي مَالِ قِرَاضٍ أَخَذَهُ لِيَتَّجِرَ بِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ بِهَا وَأَوْطَنَ بِهَا، أَتَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ حِينَ أَوْطَنَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت مَالًا قِرَاضًا بِالْفُسْطَاطِ، وَلِي أَهْلٌ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْلٌ بِالْفُسْطَاطِ، فَكُنْتُ أَتَّجِرُ فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالْفُسْطَاطِ؟ قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ أَهْلُهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ فَتَجَرَ هُنَاكَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي ذَهَابِهِ إلَى أَهْلِهِ، وَلَكِنْ لَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ. وَأَرَى فِي مَسْأَلَتِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لِهَذَا نَفَقَةٌ، لَا فِي ذَهَابِهِ وَلَا فِي رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَهْلِهِ وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنْ الْمُقَارَضِ، أَيَأْكُلُ مِنْ الْقِرَاضِ وَيَرْكَبُ أَوْ مِنْ مَالِهِ؟ فَقَالَا: يَأْكُلُ وَيَكْتَسِي وَيَرْكَبُ مِنْ الْقِرَاضِ، إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي سَبَبِ الْقِرَاضِ، وَفِيمَا يَنْبَغِي لَهُ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الزَّكَاةِ وَالنَّفَقَةِ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ الْمُقَارَضَ يَأْكُلُ مِنْ الْمَالَ وَيَكْتَسِي، لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْقِرَاضُ وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا، فَإِنَّمَا يَكُونُ طَعَامُ الْعَامِلِ وَكِسْوَتُهُ وَنَفَقَتُهُ مِنْ الْمَالِ فِي غَيْرِ سَرَفٍ، إذَا كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، وَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ فِي رِبْحِ الْعَامِلِ، وَلَكِنْ بَلَغَنِي، وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ. إذَا سَافَرَ الرَّجُلُ فِي الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>