للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِنْطَةٍ - وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ - فَقَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْعَبْدِ فَفَلَّسُوهُ، أَوْ قَامَ عَلَى الرَّجُلِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ، وَالدَّنَانِيرُ الَّتِي أُسْلِمَتْ إلَيْهِ فِي يَدِهِ بِعَيْنِهَا قَائِمَةٌ يَشْهَدُ الشُّهُودُ عَلَيْهَا أَنَّهَا بِعَيْنِهَا؟

قَالَ: إنْ شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ، وَأَنَّ الدَّنَانِيرَ هِيَ بِعَيْنِهَا، فَصَاحِبُهَا أَوْلَى بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، فِيمَا بَلَغَنِي.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ، فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مَنْ رَجُلٍ رَوَايَا زَيْتٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهَا فَصَبَّهَا فِي جِرَارٍ لَهُ فِيهَا زَيْتٌ كَثِيرٌ، وَمَعَهُ شُهُودٌ يَنْظُرُونَ حَتَّى أَفْرَغَهَا فِي زَيْتِهِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبهُ بِحَقٍّ بَانَ فِيهِ إفْلَاسُهُ، فَقَامَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ، فَقَالَ غُرَمَاؤُهُ: لَيْسَ هُوَ زَيْتُك بِعَيْنِهِ قَدْ خَلَطَهُ بِزَيْتٍ غَيْرِهِ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ، وَهُوَ عِنْدِي بِعَيْنِهِ، لَيْسَ خَلْطُهُ إيَّاهُ بِاَلَّذِي يَمْنَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى صَرَّافٍ، فَدَفَعَ إلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ فَصَبَّهَا فِي كِيسِهِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ ثُمَّ بَانَ فَلَسُهُ مَكَانَهُ أَوْ الْبَزُّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ فَيَرِقُّهُ وَيَخْلِطُهُ بِبَزٍّ غَيْرِهِ ثُمَّ يُفْلِسُ، فَلَيْسَ هَذَا وَأَشْبَاهُهُ بِاَلَّذِي يُقْطَعُ عَنْ النَّاسِ؛ أَخَذَ مَا وَجَدُوا مِنْ مَتَاعِهِمْ إذَا فَلَّسَ مَنْ ابْتَاعَهُ إذَا كَانُوا عَلَى هَذَا. وَإِنْ كَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ: لَيْسَ الْعَيْنُ مِثْلَ الْعَرَضِ، لَيْسَ لَهُ عَلَى الْعَيْنِ سَبِيلٌ وَهُوَ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَهُوَ أَحَقُّ بِالْعَرَضِ إذَا وَجَدَهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ.

[فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِالدَّيْنِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ، أَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ فِي إقْرَارِهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ، لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ إقْرَارُهُ كَمَا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُ الْحُرِّ إذَا قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ وَفَلَّسُوهُ. وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي مُدَايَنَتِهِ النَّاسَ.

قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ، فَيَكُونَ إقْرَارُهُ جَائِزًا عَلَيْهِ، يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ إنْ فَلَّسُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ إذَا أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ حَجَرْت عَلَيْهِ وَفِي يَدَيْهِ مَالٌ وَأَقَرَّ بِدُيُونٍ لِلنَّاسِ. أَيَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ فِي مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ الْمَالِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ الْعَبْدِ التَّاجِرِ يُقِرُّ لِلنَّاسِ بِدُيُونٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ، قَدْ وَضَعَهُ بِمَوْضِعِ ذَلِكَ إذَا أَقَرَّ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ فِي مَسْأَلَتِكَ شَيْئًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لِي: إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ؛ جَازَ إقْرَارُهُ لَهُ.

قَالَ لِي مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ فِي هَذَا وَالْحُرُّ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ.

[فِي عُهْدَةِ مَا يَشْتَرِي الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَيَكُونُ عَلَى سَيِّدِهِ مِنْ عُهْدَةِ مَا يَشْتَرِي الْعَبْدُ وَيَبِيعُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ لِلنَّاسِ بَايِعُوهُ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>