للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَنَا أَسْتَحْسِنُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ تَكَارَاهَا إلَى بَلَدٍ وَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَبَهَا مِنْ الْغَدِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رُكُوبُهَا، وَإِنْ أَخْلَفَهُ أَصْحَابُهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تَكَارَاهَا إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَإِنْ تَكَارَاهَا أَيَّامًا بِعَيْنِهَا أَوْ شَهْرًا بِعَيْنِهِ نُقِصَ الْكِرَاءُ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِيمَا غَابَ عَنْهُ الْكَرِيُّ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْعَبْدِ يَسْتَأْجِرُهُ الرَّجُلُ يَخْدُمُهُ أَوْ يَعْمَلُ لَهُ شَهْرًا فَيَمْرَضُ أَوْ يَأْبِقُ ذَلِكَ الشَّهْرِ: فَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ يَعْمَلُ لَهُ شَهْرًا آخَرَ، وَالْأَجِيرُ كَذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَكَذَلِكَ الرَّاحِلَةُ بِعَيْنِهَا إذَا اكْتَرَاهَا لِيَرْكَبَهَا شَهْرًا بِعَيْنِهِ إنَّمَا تَكَارَى رُكُوبَهَا ذَلِكَ الشَّهْرَ أَوْ طَحِينَهَا فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ لَمْ يَلْزَمْ الْكَرِيَّ الْكِرَاءُ الَّذِي بَعْدَ تِلْكَ الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِجَارَةِ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا مَضْمُونًا، وَالْمَضْمُونُ فِي هَذَا وَاَلَّذِي فِي الدَّابَّةِ بِعَيْنِهَا مُخْتَلِفٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَفَعْتُ إلَى السُّلْطَانِ أَمْرِي حِينَ هَرَبَ الْمُكْرِي أَيَكْتَرِي لِي عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ يَكْتَرِي لَكَ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: فِي كِرَاءِ مَكَّةَ وَغَيْرِ كِرَاءِ مَكَّةَ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ الْمُكْتَرِي فَرَفَعَ الْجَمَّالُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ أَيُكْرِي الْإِبِلَ عَلَى الْمُكْتَرِي إلَى مَكَّةَ كَانَ الْكِرَاءُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ الرَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ فِي الْهَرَبِ وَكِرَاءِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمَا فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

[الْمُتَكَارِي يَهْرُبُ]

فِي الْمُتَكَارِي يَهْرُبُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَى رَجُلٌ إبِلَهُ إلَى مَكَّةَ فَهَرَبَ الْمُكْتَرِي مَاذَا يَصْنَعُ الْجَمَّالُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَرْفَعُ أَمْرَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَيُكْرِي الْإِبِلَ مِنْ الْمُتَكَارِي.

قُلْتُ: فَيَقْضِي السُّلْطَانُ لِلْجَمَّالِ مِنْ كِرَائِهِ هَذَا كِرَاءَهُ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى الْهَارِبِ مِنْهُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ السُّلْطَانُ كِرَاءً؟

قَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اكْتَرَى إبِلًا فَبَعَثَ بِهَا مَعَ الْجَمَّالِ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لَهُ مَتَاعَ كَذَا وَكَذَا مِنْ بَلَدِ كَذَا وَكَذَا إلَى بَلَدِ كَذَا وَكَذَا وَكَتَبَ إلَى وَكِيلِهِ مَعَ الْجَمَّالِ أَنْ يَدْفَعُ إلَى الْجَمَّالِ ذَلِكَ الْمَتَاعَ الَّذِي اكْتَرَاهُ عَلَى حُمُولَتِهِ فَقَدِمَ الْجَمَّالُ تِلْكَ الْبَلْدَةَ فَلَمْ يَجِدْ الْوَكِيلَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ يَجِدْ الْوَكِيلَ تَلَوَّمَ لَهُ السُّلْطَانُ قَدْرَ مَا يَرَى مِمَّا لَا يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْجَمَّالِ، فَإِنْ جَاءَ الْوَكِيلُ فَدَفَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>