للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُرِيدَ الَّذِينَ كَرِهُوا الْبَيْعَ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ بِمَا يُعْطُونَ فِيهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ.

[مَا جَاءَ فِي أَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَأَجْرِ الْقُسَّامِ عَلَى مَنْ هُوَ]

َ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ كَانَ يَكْرَهُ مَالِكٌ أَرْزَاقَ الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ؟

قَالَ: أَمَّا الْعُمَّالُ فَكَانَ يَقُولُ: إذَا عَمِلُوا عَلَى حَقٍّ فَلَا بَأْسَ بِأَرْزَاقِهِمْ، وَأَمَّا أَرْزَاقُ الْقُضَاةِ فَلَمْ أَرَ مَالِكًا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ قُسَّامَ الْمَغَانِمِ، أَيَصْلُحُ أَنْ يَأْخُذُوا عَلَيْهَا أَجْرًا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي قُسَّامِ الْقَاضِي: لَا أَرَى أَنْ يَأْخُذُوا عَلَى الْقَسْمِ أَجْرًا، فَقُسَّامُ الْمَغَانِمِ عِنْدِي لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا.

قُلْتُ: لِمَ كَرِهَ مَالِكٌ أَرْزَاقَ الْقُسَّامِ وَجَوَّزَ أَرْزَاقَ الْعُمَّالِ؟

قَالَ: لِأَنَّ أَرْزَاقَ الْقُسَّامِ إنَّمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَأَرْزَاقَ الْعُمَّالِ إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إنْ جَعَلَ لِلْقُسَّامِ أَرْزَاقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟

قَالَ: أَرَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَ لِلْقُسَّامِ أَرْزَاقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ أَشْيَاءُ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ مِمَّا يَنُوبُهُمْ، يَبْعَثُ فِيهَا السُّلْطَانُ إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى السُّلْطَانِ يُرْزَقُونَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرَ قَوْمٌ قَاسِمًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ دَرَاهِمَ؟

قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.

قَالَ: وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْقَوْمِ يَكُونُ لَهُمْ عِنْدَ الرَّجُلِ الْمَالُ فَيَسْتَأْجِرُونَ رَجُلًا يَكْتُبُ بَيْنَهُمْ الْكِتَابَ وَيَسْتَوْثِقُ لَهُمْ جَمِيعًا، عَلَى مَنْ تَرَى جَعْلَ ذَلِكَ؟

قَالَ: أَرَاهُ بَيْنَهُمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَرَى عَلَى الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدَيْهِ الْمَالُ شَيْئًا وَإِنَّمَا الْمَالُ لِهَؤُلَاءِ؟

قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْثِقُ لَهُ وَإِنَّمَا هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ تَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ فَيَطْلُبُ بَعْضُهُمْ الْقَسْمَ وَلَا يَطْلُبُ بَعْضُهُمْ الْقَسْمَ، فَيَسْتَأْجِرُونَ الرَّجُلَ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ طَلَبَ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَطْلُبْ، وَإِنَّمَا وَجْهُ مَا رَأَيْتُ مَالِكًا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ الْقَاضِي لِلْقُسَّامِ أَرْزَاقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ أَهْلُ الْمَغْنَمِ نَحْنُ نَرْضَى أَنْ يُعْطَى هَذَا الْقَاسِمُ عَلَى أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَنَا؟

قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا.

قَالَ: وَإِنَّمَا رَأَيْتُ مَالِكًا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْإِمَامُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ السُّوقِ وَيَرْزُقَهُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ. فَهَذَا الَّذِي كَرِهَ وَقَالَ إنَّمَا يَحْمِلُ هَذَا الْإِمَامُ، فَأَمَّا إنْ رَضُوا عَلَى أَنْ يُعْطُوا مَنْ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ مَغْنَمَهُمْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

[فِيمَنْ دَبَّرَ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ لَا يَحْمِلُهُمْ الثُّلُثُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقْرَعُ بَيْنُهُمْ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا؟

قَالَ مَالِكٌ: مَا دَبَّرَ فِي الصِّحَّةِ وَفِي الْمَرَضِ عَتَقَ مِنْهُمْ مَبْلَغُ الثُّلُثِ، وَمَا دَبَّرَ مِنْهُمْ جَمِيعًا فِي مَرَضٍ كَانَ أَوْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>