وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مَاتَتْ فِي دَارِهِ مَيْتَةٌ فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَطْرَحُهَا بِجِلْدِهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَطْرَحُهَا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، وَلَكِنْ إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى أَنْ تُبَاعَ جُلُودُ الْمَيْتَةِ وَإِنْ دُبِغَتْ، قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ بَيْعِ الْعُذْرَةِ الَّتِي يَزْبِلُونَ بِهَا الزَّرْعَ فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَكَرِهَهُ؛ قَالَ: وَإِنَّمَا الْعُذْرَةُ الَّتِي كَرِهَ رَجِيعُ النَّاسِ. قُلْتُ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي زِبْلِ الدَّوَابِّ؟ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ نَجِسٌ وَإِنَّمَا كَرِهَ الْعُذْرَةَ لِأَنَّهَا نَجَسٌ فَكَذَلِكَ الزِّبْلُ أَيْضًا وَلَا أَرَى أَنَا بِهِ بَأْسًا.
قُلْتُ: فَبَعْرُ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَخُثَاءُ الْبَقَرِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ وَقَدْ رَأَيْتُ مَالِكًا يُشْتَرَى لَهُ بَعْرُ الْإِبِلِ.
قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ أَتَرَى أَنْ يُوقَدَ بِهَا تَحْتَ الْقُدُورِ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ.
قُلْتُ: فَلِغَيْرِ الطَّعَامِ؟
قَالَ: إنَّمَا سَأَلْنَاهُ عَنْ الطَّعَامِ فَقَالَ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُسَخَّنَ الْمَاءُ بِهَا لِلْعَجِينِ وَلَا لِلْوُضُوءِ، وَلَوْ طُبِخَ بِهَا الْجِيرُ وَالطُّوبُ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَالِكًا هَلْ كَرِهَ الِانْتِفَاعَ بِعِظَامِ الْمَيْتَةِ؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ تُشْتَرَى عِظَامُ الْمَيْتَةِ وَلَا تُبَاعُ وَلَا أَنْيَابُ الْفِيلِ وَلَا يُتَّجَرُ فِيهَا وَلَا يُمْشَطُ بِأَمْشَاطِهَا وَلَا يُدْهَنُ بِمَدَاهِنِهَا، قَالَ: وَكَيْفَ يَجْعَلُ الدُّهْنَ فِي الْمَيْتَةِ وَيُمَشِّطُ لِحْيَتَهُ بِعِظَامِ الْمَيْتَةِ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ وَكَرِهَ أَنْ يُطْبَخَ بِهَا.
[اشْتَرَى الصُّبْرَةِ عَلَى الْكَيْلِ فَوَجَدَهَا تَنْقُصُ]
اشْتِرَاءُ الصُّبْرَةِ عَلَى الْكَيْلِ فَوَجَدَهَا تَنْقُصُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت صُبْرَةً مِنْ طَعَامٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ إرْدَبٍّ فَدَفَعْتُ إلَى رَبِّهَا الدَّرَاهِمَ وَقُلْتُ لِرَبِّهَا: كِلْهَا فَكَالَهَا فَوَجَدَهَا تَنْقُصُ عَنْ مِائَةِ إرْدَبٍّ هَلْ يَلْزَمُ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّ فِيهَا مِائَةَ إرْدَبٍّ فَوَجَدَ فِيهَا مِائَةَ إرْدَبٍّ إلَّا شَيْئًا يَسِيرًا لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِيمَا أَصَابَ فِي الصُّبْرَةِ مِنْ عَدَدِ الْأَرَادِبِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي نَقَصَ مِنْ الصُّبْرَةِ الشَّيْءُ الْكَثِيرُ لَمْ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقُولُ لَيْسَ هَذَا حَاجَتِي وَإِنَّمَا أَرَدْتُ طَعَامًا كَثِيرًا فَهَذَا يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا أَصَابَ فِي الصُّبْرَةِ شَيْئًا قَلِيلًا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَهَا وَإِنَّمَا قَصَدَ قَصْدَ الْكَبِيرَةِ حِينَ سَمَّى مِائَةَ إرْدَبٍّ فَهُوَ حِينَ أَصَابَهَا تَنْقُصُ شَيْئًا قَلِيلًا لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَصَابَهَا تَنْقُصُ شَيْئًا كَثِيرًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَيْعُ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَيْت مِنْهُ هَذِهِ الصُّبْرَةَ عَلَى أَنَّ فِيهَا مِائَةَ إرْدَبٍّ أَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ هَذَا وَلَا يَرَى هَذَا الشَّرْطَ يُفْسِدُ الْبَيْعَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَانَ يُجِيزُهُ وَلَا يَرَى هَذَا الشَّرْطَ يُفْسِدُ الْبَيْعَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute