مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ، أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُقَارَضُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ سِلْعَةً، وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ، وَيَصِيرَ إنَّمَا قَارَضَهُ بِهَذَا الْعَرَضِ. قَالَ سَحْنُونٌ: ذَلِكَ أَصْلٌ جَيِّدٌ، وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ تُوجَدُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ فَرُدَّهَا إلَى هَذِهِ.
[فِي الْمُقَارَضِ يَشْتَرِي وَلَدَ رَبِّ الْمَالِ أَوْ وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَ نَفْسِهِ أَوْ وَالِدَهُ]
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ وَلَدَ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ وَالِدَهُ، أَوْ وَلَدَ نَفْسِهِ، أَوْ وَالِدَهُ، عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَالْمُقَارَضُ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ؟ قَالَ: إنْ اشْتَرَى وَالِدَ نَفْسِهِ أَوْ وَلَدَ نَفْسِهِ وَكَانَ مُوسِرًا وَقَدْ عَلِمَ، رَأَيْتُ أَنْ يُعْتَقَا عَلَيْهِ وَيُدْفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسُ مَالِهِ وَرِبْحُهُ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ عَلَى مَا قَارَضَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ وَكَانَ فِيهِمْ فَضْلٌ، يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِيهِمْ نَصِيبُ مَا عَتَقُوا عَلَيْهِ، وَيُرَدُّ إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسُ مَالِهِ وَرِبْحُهُ عَلَى مَا قَارَضَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ فَضْلٌ بِيعُوا، وَأَسْلَمَ إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ لَا مَالَ لِلْعَامِلِ، وَكَانَ فِيهِمْ فَضْلٌ بِيعَ مِنْهُمْ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَرَبِحَ رَبُّ الْمَالِ فَدَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ، وَيُعْتِقُ مِنْهُمْ مَا بَقِيَ، عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى أَبَا صَاحِبِ الْمَالِ، أَوْ ابْنَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ؟ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، عَتَقُوا عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ رِبْحٌ دَفَعَ إلَى الْعَامِلِ مِنْ مَالِ صَاحِبِ الْمَالِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ عَلَى مَا قَارَضَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ الْعَامِلُ وَلَهُ مَالٌ، رَأَيْتُ أَنْ يُعْتَقُوا عَلَيْهِ وَيُؤْخَذَ مِنْ الْعَامِلِ ثَمَنُهُمْ، فَيَدْفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْوَلَاءُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ حِينَ اشْتَرَاهُمْ، أَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، فَأَرَاهُ ضَامِنًا إذَا ابْتَاعَهُمْ بِمَعْرِفَةٍ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعُوا، فَأَعْطَى رَبَّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَرِبْحَهُ وَعَتَقَ مِنْهُمْ حِصَّةَ الْعَامِلِ وَحْدَهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ وَاخْتَرْتُ لِنَفْسِي.
[فِي الْمُقَارَضِ يُعْتِقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ عَبْدًا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ عَبْدًا بِمَالِ الْقِرَاضِ، قِيمَتُهُ مِثْلُ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلُّ، فَأَعْتَقَهُ الْعَامِلُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ الَّذِي حَفِظْنَا عَنْ مَالِكٍ فِي الْعَامِلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَيَطَؤُهَا فَتَحْمِلُ مِنْهُ، أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ قِيمَتُهَا، فَيُجْبَرُ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَأَمَّا مَسْأَلَتُكَ فِي الْعِتْقِ، فَإِنِّي أَرَى إنْ كَانَ الْعَامِلُ مُوسِرًا أُعْتِقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَرِبْحَهُ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا لَا مَالَ لَهُ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَرِبْحِهِ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَيُعْتَقُ مِنْهُ نَصِيبُ الْعَامِلِ. قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ رَبُّ الْمَالِ؟ قَالَ: يَجُوزُ عِتْقُهُ وَيَضْمَنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute