رَقَبَتِهِ. لَوْ جَعَلْتُ لَهُمْ فِي مَسْأَلَتِكَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ الَّتِي أَخَذَهَا السَّيِّدُ مِنْ الْقَاتِلِ لَجَعَلْتُ لَهُمْ الثَّمَنَ إذَا بَاعَهُ السَّيِّدُ.
قُلْتُ: فَإِنْ قُتِلَ الْمُكَاتَبُ وَقَدْ أَدَّى جَمِيعَ كِتَابَتِهِ إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا أَوْ أَدْنَى، كَيْفَ يُقَوَّمُ؟ قَالَ: يُقَالُ: هَذَا مُكَاتَبٌ كَانَتْ قُوَّتُهُ عَلَى أَدَاءِ كِتَابَتِهِ كَذَا وَكَذَا فَمَا يُسَوِّي عَبْدًا مُكَاتَبًا قُوَّتُهُ عَلَى الْأَدَاءِ كَذَا وَكَذَا، وَيَلْزَمُ قَاتِلَهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ. قَالَ: وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى مَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَلَا إلَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ مُكَاتَبًا أَدَّى جَمِيعَ كِتَابَتِهِ إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا، وَآخَرَ لَمْ يُؤَدِّ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا، قَتَلَهُمَا رَجُلٌ وَكَانَتْ قُوَّتُهُمَا عَلَى الْأَدَاءِ سَوَاءٌ وَقِيمَةُ رِقَابِهِمَا سَوَاءٌ، إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا، وَالْآخَرَ لَمْ يُؤَدِّ مَنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا قَالَ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا أَدَّى مِنْ الْكِتَابَةِ الَّتِي أَدَّى وَقِيمَتُهَا لِلسَّيِّدِ عَلَى قَاتِلِهِمَا سَوَاءٌ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ رِقَابِهِمَا وَكَانَتْ قُوَّتُهُمَا عَلَى الْأَدَاءِ سَوَاءً، فَقَتَلَهُمَا رَجُلٌ وَلَمْ يُؤَدِّيَا شَيْئًا بَعْدُ؟ قَالَ: هَذَانِ مُخْتَلِفَا الْقِيمَةِ، فَإِنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ عَلَى الْأَدَاءِ مَعَ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ، يُقَالُ: مَا يُسَوِّي هَذَا الْمُكَاتَبُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ كَذَا وَكَذَا، وَقُوَّتُهُ عَلَى أَدَاءِ كِتَابَتِهِ كَذَا وَكَذَا، فَعَلَى هَذَا يُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ فِي الَّذِي يَتْرُكُ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ لِعَبْدِهِ فَقُلْتُ: يَعْتِقُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ. قَالَ: نَعَمْ، إنَّمَا تُقَوَّمُ الْكِتَابَةُ بِالنَّقْدِ. وَقِيمَةُ رَقَبَتِهِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الْمُكَاتَبِ إذَا قَتَلَهُ رَجُلٌ يَعْتِقُ بِالْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا الَّذِي قَالَ لِي مَالِكٌ فِي قِيمَتِهِ إذَا قُتِلَ وَفِي كِتَابَتِهِ كَيْفَ يُقَوَّمُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فَسَّرْتُ لَكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تُقَوَّمُ الْكِتَابَةُ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ فَيُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ لَيْسَ قِيمَةَ الْكِتَابَةِ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ إنْ كَانَ هُوَ الْأَقَلَّ فَيُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ لَيْسَ قِيمَةَ الْكِتَابَةِ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ إنْ كَانَ هُوَ الْأَقَلَّ فَيُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ جُعِلَتْ فِي الثُّلُثِ.
[الْأَبَوَيْنِ يُكَاتَبَانِ فَيُولَدُ لَهُمَا وَلَدٌ فَاكْتَسَبَ الْوَلَدُ مَالًا وَجَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً]
فِي الْأَبَوَيْنِ يُكَاتَبَانِ فَيُولَدُ لَهُمَا وَلَدٌ فَاكْتَسَبَ الْوَلَدُ مَالًا وَجَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ - وَهُمَا زَوْجَانِ - كِتَابَةً وَاحِدَةً فَحَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، فَاكْتَسَبَ الْوَلَدُ مَالًا وَجُنِيَ عَلَى الْوَلَدِ جِنَايَاتٌ؟ قَالَ: أَمَّا الْجِنَايَاتُ فَذَلِكَ لِلسَّيِّدِ - عِنْدَ مَالِكٍ - يُحْسَبُ لَهُمْ ذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْجِنَايَةِ وَفَاءُ كِتَابَتِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ وَيَعْتِقُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مَكَانَهُمْ. فَإِنْ كَانَ فِي الْجِنَايَةِ فَضْلٌ فَهُوَ لِلِابْنِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَلَدُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ بِمَا أَخَذَ السَّيِّدُ مِنْ جِنَايَتِهِ فِي كِتَابَةِ الْأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِمَا أَدَّوْا. وَأَمَّا الَّذِي اكْتَسَبَ الِابْنُ فَهُوَ لِلِابْنِ وَلَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ مَالَهُ، عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى مَعَهُمْ وَيُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ وَأَدَاءِ مِثْلِهِ، فَإِذَا كَانَ لِلِابْنِ مَالٌ وَخَافَ الْأَبَوَانِ الْعَجْزَ كَانَ لَهُمَا أَنْ يُؤَدِّيَا الْكِتَابَةَ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِلْأَبَوَيْنِ مَالٌ فَقَالَا: لَا نُؤَدِّي، وَخَافَ الْوَلَدُ الْعَجْزَ، فَإِنَّ الْكِتَابَةَ تُؤَدَّى مِنْ مَالِ الْأَبَوَيْنِ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute