يَأْخُذَ حَظَّ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ وَاحِدَةً وَالْمُشْتَرِي وَاحِدٌ. فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ، لِأَحَدِهِمْ نَخْلٌ وَأَرْضٌ وَلِلْآخَرِ قَرْيَةٌ وَلِلْآخَرِ دُورٌ، فَبَاعُوا جَمِيعَ ذَلِكَ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ - شَفِيعُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَهَذِهِ النَّخْلِ وَهَذِهِ الدُّورِ رَجُلٌ وَاحِدٌ - فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا آخُذُ هَذِهِ النَّخْلَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا أُرِيدُ الْقَرْيَةَ وَلَا الدُّورَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ دَعْ؟ فَقَالَ: سَأَلَتْ مَالِكًا عَنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالنَّخْلِ وَذَلِكَ مُفْتَرَقٌ، يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَيَأْتِي الشَّفِيعُ فَيَقُولُ: أَنَا آخُذُ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ، عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مَا يُحِبُّ وَيَدَعَ مَا يَكْرَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَكُونُ فِيهِ كُلِّهِ، وَهُوَ كُلُّهُ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك فِي الثَّلَاثَةِ نَفَرٍ، لَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَ؛ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَمُشْتَرِيهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَشَفِيعُهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ.
قَالَ: وَسَأَلَتْ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَوْ مَنْ أَرْبَعَةٍ حُظُوظُهُمْ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَيَأْتِي شَفِيعٌ لَهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ حَظَّ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ؟ فَقَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ، فَمَسْأَلَتُك مِثْلُ هَذِهِ بِعَيْنِهَا. قُلْت: فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ اشْتَرَوْا مِنْ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ دَارًا وَأَرْضًا وَنَخْلًا، وَشَفِيعُ هَذِهِ الدَّارِ وَالنَّخْلِ وَالْأَرْضِ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَأَتَى الشَّفِيعُ فَقَالَ: أَنَا آخُذُ حَظَّ أَحَدِهِمْ وَأُسَلِّمُ حَظَّ الِاثْنَيْنِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ، فِيهِ شَيْئًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ كُلَّهُ، وَهُوَ اشْتِرَاءُ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَوْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ وَاحِدًا لَوْ اشْتَرَى مِنْ ثَلَاثَةٍ، لَمْ يَكُنْ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ كُلَّهُ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَشَفِيعُ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ، فَسَلَّمَ لِي أَحَدُهُمَا الشُّفْعَةَ وَأَرَادَ الْآخَرُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، فَقُلْت لَهُ: خُذْ الصَّفْقَةَ كُلَّهَا أَوْ دَعْ، فَقَالَ: لَا آخُذُ الَّذِي أَنَا فِيهِ شَفِيعٌ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لِلشَّفِيعِ أَنْ يَتْرُكَ تِلْكَ الَّتِي لَا شِرْكَ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَفِيعٍ لَهَا وَيَأْخُذَ الَّتِي لَهُ فِيهَا شِرْكٌ؛ لِأَنَّهُ شَفِيعُهَا.
[مَا جَاءَ فِيمَنْ اشْتَرَى شِقْصًا فَوَهَبَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِشُفْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا]
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا فَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ فَهَدَمَهَا، أَوْ وَهَبَ نَقْضَهَا لِرَجُلٍ فَهَدَمَهُ، ثُمَّ أَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ فَقَالَ: هَذَا وَالْبَيْعُ سَوَاءٌ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ فَهَدَمَهَا الْمُشْتَرِي الْآخَرُ، أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلشَّفِيعِ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْهَادِمُ بَاعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَبَيْعُهُ عَلَى مَا فَسَّرْت لَك فِيمَنْ بَاعَ نَقْضًا؟ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا، إنَّمَا هَدَمَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَالِاشْتِرَاءِ، فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute