الْأَلْفِ الَّتِي عَلَيْهِ، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ الَّتِي صَالَحَ بِهَا الْأَلْفَ الدِّرْهَمَ كُلَّهَا أَخَذَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ سِلْعَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْأَلْفُ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ عَنْهُ بِهَا.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ الْكَفِيلُ لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ: أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الْأَلْفَ الَّتِي لَك عَلَيْنَا بِهَذِهِ السِّلْعَةِ فَفَعَلَ؟
قَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَلْفُ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى الْأَلْفَ بِالسِّلْعَةِ اشْتِرَاءً جَائِزًا. قُلْت: وَالصُّلْحُ فِي هَذَا لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاشْتِرَاءِ؟
قَالَ: لَا لِأَنَّهُ حِينَ صَالَحَ بِالسِّلْعَةِ إنَّمَا قَالَ لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ: خُذْ هَذِهِ السِّلْعَةَ مِنِّي عَنْ فُلَانٍ، فَلَا يَكُونُ لِلْكَفِيلِ إلَّا قِيمَةُ مَا دَفَعَهُ عَنْهُ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى الْأَلْفَ بِسِلْعَةٍ مِنْ السِّلَعِ فَإِنَّمَا قَالَ لَهُ الْكَفِيلُ: خُذْ مِنِّي هَذِهِ السِّلْعَةَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ كُلُّهَا لِي فَهَذَا جَائِزٌ، وَتَصِيرُ الْأَلْفُ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ الْأَلْفَ لِلْكَفِيلِ جَازَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَهَا لَهُ بِسِلْعَةٍ أَخَذَهَا مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ وَكَانَتْ الْأَلْفُ كُلُّهَا لَهُ.
[أسلف فِي ثَوْب إلَى أَجَل وَقَبْل الْأَجَل أَوْ بَعْده يَزِيدهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلهُ أَتَمَّ وَأَجْوَد]
فِي الرَّجُلِ يُسْلِفُ رَجُلًا فِي ثَوْبٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَأْتِيهِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَزِيدُهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ أَتَمَّ وَأَجْوَدَ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي ثَوْبٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ زِدْته دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي أَطْوَلَ مَنْ ثَوْبِي الَّذِي أَسْلَمْت إلَيْهِ فِيهِ مِنْ صِنْفِ ثَوْبِي الَّذِي أَسْلَمْت فِيهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ فَلَا بَأْسِ بِذَلِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَعَجَّلْت ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ ذُكِرَ لَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَزِيدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مَا شَاءَ وَيَأْخُذَ أَرْفَعَ مِنْ ثِيَابِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دُونَ ثَوْبِهِ عَلَى أَنْ يَسْتَرْجِعَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ فِيهِ إنْ كَانَ دَفَعَ فِيهِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا لَمْ يَأْخُذْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا وَيَأْخُذُ دُونَ ثَوْبِهِ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبًا دُونَ ثَوْبِهِ وَيَسْتَرْجِعَ مِنْ صِنْفِ الْعَرْضِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الْمَالِ شَيْئًا، وَإِنْ هُوَ أَخَذَ عَرْضًا مِنْ غَيْرِ صِنْفِ الْعَرْضِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: وَلِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ إذَا أَخَذَ مِنْ الْعَرْضِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِنْفِ رَأْسِ الْمَالِ؟
قَالَ: لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ سَلَّفَ حِنْطَةً فِي ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ دُونَ ثِيَابِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الَّذِي عَلَيْهِ الثِّيَابُ حِنْطَةً لَمْ يَصْلُحْ هَذَا وَصَارَتْ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ وَثَوْبٍ فَيَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute