للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ تَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى الْقَتْلِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، أَيُحْبَسُ هَذَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ الشَّاهِدِ؟ قَالَ: أَمَّا فِي الْخَطَأِ فَلَا يُحْبَسُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ الشَّاهِدِ. فَإِذَا زَكَّى كَانَتْ الْقَسَامَةُ، وَمَا لَمْ يُزَكِّ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَسَامَةٌ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْسِمُ إلَّا مَعَ الشَّاهِدِ الْعَدْلِ، وَلَا كَفَالَةَ فِي الْقِصَاصِ وَلَا فِي الْحُدُودِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَتْلَ خَطَأً، هَلْ فِيهِ تَعْزِيرٌ وَحَبْسٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا يُعَزَّرُ فِي الْخَطَأِ وَلَا يُحْبَسُ فِيهِ، أَرَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حَبْسٌ وَلَا تَعْزِيرٌ.

[الْقَتِيلِ يُوجَدُ فِي دَارِ قَوْمٍ أَوْ مَحَلَّةِ قَوْمٍ أَوْ فِي أَرْضِهِمْ أَوْ فِي فَلَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ]

مَا جَاءَ فِي الْقَتِيلِ يُوجَدُ فِي دَارِ قَوْمٍ أَوْ مَحَلَّةِ قَوْمٍ أَوْ فِي أَرْضِهِمْ أَوْ فِي فَلَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَتِيلَ إذَا وُجِدَ فِي دَارِ قَوْمٍ أَوْ مَحَلَّةِ قَوْمٍ أَوْ أَرْضِ قَوْمٍ، أَتَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي فَلَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ، لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ، أَتَكُونُ دِيَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي بَيْتِ مَالِهِمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: الَّذِي قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِهِ الْمُوَطَّإِ: إنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِهِ أَحَدٌ إذَا وُجِدَ فِي قَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ. فَإِذَا قَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤْخَذُ بِهِ أَحَدٌ. فَأَرَاهُ وَقَدْ أَبْطَلَهُ وَلَمْ أُوقِفْهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا رَأْيِي أَنَّهُ يَبْطُلُ وَلَا يَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ.

قُلْتُ: فَأَيْنَ الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ: «لَا يَبْطُلُ دَمُ الْمُسْلِمِ» ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مَالِكًا يَذْكُرُ فِي هَذَا شَيْئًا.

[إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مَسْخُوطًا]

مَا جَاءَ فِي الْمَسْخُوطِ يَقُولُ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مَسْخُوطًا فَقَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ. أَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا وَيَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِيهِ الْقَسَامَةُ إذَا قَالَ الْمَقْتُولُ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا مَالِكٌ مَسْخُوطًا مِنْ غَيْرِ مَسْخُوطٍ، وَلَكِنْ قَالَ ذَلِكَ لَنَا مُجْمَلًا. وَأَرَى الْمَسْخُوطَ وَغَيْرَ الْمَسْخُوطِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً، وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ قَوْلِهِ.

قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ مَسْخُوطًا وَبَيْنَ الْمَقْتُولِ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يُتَّهَمُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَتَكُونُ الْقَسَامَةُ فِي هَذَا الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ مَسْخُوطًا وَبَيْنَ الْمَقْتُولِ إذَا كَانَ مَسْخُوطًا، وَتَكُونُ الْقَسَامَةُ فِي هَذَا الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ. وَقَدْ جَعَلَ مَالِكٌ الْوَرَثَةَ يُقْسِمُونَ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ - وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ بِتَامَّةِ الشَّهَادَةِ - وَلَا يُقْسَمُ مَعَ شَهَادَتِهَا فِي عَمْدٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْخُوطَ يَأْتِي بِشَاهِدٍ عَلَى حَقِّهِ فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ، وَلَوْ أَتَى بِشَاهِدٍ مَسْخُوطٍ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>