بَاعَ السُّلْطَانُ مَالَهُ أَنَّ الضَّيَاعَ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي الرَّهْنِ أَنَّ ضَيَاعَ الثَّمَنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِلْمُرْتَهِنِ، فَلَمَّا وَقَعَ الْبَيْعُ كَانَ الثَّمَنُ لِلْمُرْتَهِنِ، فَضَمَانُهُ مِنْهُ إنْ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، قَالَ: أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: مُصِيبَةُ الثَّمَنِ مِنْ الرَّاهِنِ حَتَّى يَصِلَ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَلِكَ التَّفْلِيسُ.
[أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِي أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِالْبَيْعِ وَأَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ حَقَّهُ، بَاعَ الرَّهْنَ فَقَالَ: قَدْ دَفَعْت إلَى الْمُرْتَهِنِ حَقَّهُ وَكَذَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَقَالَ: لَمْ آخُذْهُ؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا يَقُولُ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَدْفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ فَقَالَ قَدْ دَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَكَذَلِكَ هَذَا
[ارْتَهَنَ رَهْنًا فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ دَفْعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَبَاعَهُ وَقَضَاهُ حَقَّهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ رَجُلٌ]
فِيمَنْ ارْتَهَنَ رَهْنًا، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ دَفْعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَبَاعَهُ وَقَضَاهُ حَقَّهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ رَجُلٌ وَقَدْ فَاتَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إذَا ارْتَهَنَ رَهْنًا، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ دَفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ فَبَاعَهُ لَهُ فَأَوْفَاهُ حَقَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ الرَّهْنَ وَقَدْ فَاتَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَغَابَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّ هَذَا الَّذِي اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ، إنْ أَجَازَ الْبَيْعَ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ سِلْعَتِهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: فِي الْبُيُوعِ إذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً فَاسْتَحَقَّهَا، صَاحِبُهَا وَقَدْ دَارَتْ فِي أَيْدِي رِجَالٍ، أَنَّهُ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ أَيِّهِمْ شَاءَ.
[الرَّهْن إذَا كَانَ عَلَى يَدِي عَدْل وَاخْتَلَفَ فِيهِ الرَّاهِن وَالْمُرْتَهِن]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَدْلَ إذَا بَاعَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ الرَّهْنَ فَقَالَ: بِعْتُهُ بِمِائَةٍ وَقَضَيْتُك إيَّاهَا أَيُّهَا الْمُرْتَهِنُ. وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بَلْ بِعْتُ بِخَمْسِينَ وَقَضَيْتنِي الْخَمْسِينَ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّ الْعَدْلَ ضَامِنُ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ بِمِائَةٍ، وَهَذِهِ الْخَمْسُونَ مِنْهَا قَدْ تَبَيَّنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute