للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَجَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَهَذَا قِرَاضٌ فَاسِدٌ لَا يَحِلُّ، فَالسُّلْطَانُ يَفْسَخُ هَذَا الْقِرَاضَ وَلَا يُقِرُّهُ وَيَصْنَعُ فِي مَالِهِ كُلِّهِ مِثْلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ وَيُوَكِّلُ رَجُلًا بِالْقِيَامِ فِي ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ فِي أَهْلِ الْمَفْقُودِ رَجُلٌ يَرْضَاهُ فَيُوَكِّلُهُ فَيَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي لِلْغَائِبِ، قُلْتُ: وَلِمَ قُلْتَ فِي الْعَارِيَّةِ إذَا كَانَ لَهَا أَجَلٌ أَنَّ السُّلْطَانَ يَدْعُهَا إلَى أَجَلِهَا فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْمَفْقُودَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ عَارِيَّتَهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، فَلِذَلِكَ لَا يَعْرِضُ فِيهِ السُّلْطَانُ لِأَنَّ الْمَفْقُودَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَطِيعُ رَدَّهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهَا مِنْهُ.

[فِيمَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ خَادِمًا لَهُ ثُمَّ فُقِدَ فَاعْتَرَفَتْ الْخَادِمُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلِلْمَفْقُودِ عُرُوضٌ أَيُعَدَّى عَلَى الْعُرُوضِ فَيَأْخُذُ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى الْمَفْقُودِ مِنْ هَذِهِ الْعُرُوضِ؟

قَالَ: نَعَمْ، عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا يَرَى الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَفْقُودَ إذَا اعْتَرَفَ مَتَاعَهُ رَجُلٌ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَيَجْعَلُ الْقَاضِي لِلْمَفْقُودِ وَكِيلًا؟

قَالَ: لَا أَعْرِف هَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، إنَّمَا يُقَالُ لِهَذَا الَّذِي اعْتَرَفَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنْ اسْتَحْقَقْتَ أَخَذْتَ وَإِلَّا ذَهَبْتَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَفْقُودَ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ أَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؟

قَالَ: نَعَمْ، عِنْدَ مَالِكٍ، فَإِنْ جَاءَ مَوْتُ الْمَفْقُودِ وَهَذَا حَيٌّ أَجَزْتُ لَهُ الْوَصِيَّةَ إذَا حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَإِنْ بَلَغَ الْمَفْقُودُ مِنْ السِّنِينَ مَا لَا يَحْيَا إلَى مِثْلِهَا وَهَذَا حَيٌّ أَجَزْتُ لَهُ الْوَصِيَّةَ، قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَفْقُودَ أَوْصَى إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفْقَدَ؟

قَالَ: أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ، وَإِذَا جَعَلْتُ الْمَفْقُودَ مَيِّتًا جَعَلْتُ هَذَا وَصِيًّا، قُلْتُ: فَكَيْفَ تَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَهَذَا لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ بَعْدُ وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهُمَا ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ؟

قَالَ: يَقْبَلُهَا الْقَاضِي لِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَقُولُ: أَخَافُ أَنْ تَمُوتَ بَيِّنَتِي، قُلْتُ: فَإِنْ قَبِلَ بَيِّنَتَهُ ثُمَّ جَاءَ الْمَفْقُودُ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَأْمُرُهُمَا بِأَنْ يُعِيدَا الْبَيِّنَةَ إنْ قَدْ أَجْزَتْهُمَا تِلْكَ الْبَيِّنَةُ؟

قَالَ: قَدْ أَجْزَتْهُمَا تِلْكَ الْبَيِّنَةُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ هَذَا الْمَفْقُودَ كَانَ زَوْجَهَا أَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ، تُقْبَلُ مِنْهَا الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ مَالِكًا يَرَى الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ.

[الْأَسِيرُ يُفْقَدُ وَالْمَرْأَةُ تَتَزَوَّجُ فِي الْعِدَّةِ]

ِ فَيُقَبِّلُهَا أَوْ يُبَاشِرُهَا فِي الْعِدَّةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَسِيرَ يُفْقَدُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، أَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَفْقُودِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>