للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَارِحُ، لَا نَعْلَمُ شَيْئًا أَعْدَلَ مِنْ ذَلِكَ. وَذَلِكَ مِنْ أَجَلِ أَنَّ الْيَدَ مِنْ الْعَبْدِ وَالرِّجْلَ إذَا قُطِعَتَا تَدْخُلُ مُصِيبَتُهُمَا بِأَعْظَمَ مِنْ نِصْفِ ثَمَنِهِ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ بَعْدُ ثَمَنٌ. وَإِنَّ أُذُنَهُ تَدْخُلُ مُصِيبَتُهَا بِأَدْنَى مِنْ نِصْفِ ثَمَنِهِ إذَا كَانَ غُلَامًا يَنْسِجُ الدِّيبَاجَ أَوْ الطِّرَازَ وَكَانَ عَامِلًا لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْتَفِعُ بِهِ ثَمَنُهُ، فَإِذَا أُقِيمَتْ الْمُصِيبَةُ مَا بَلَغَتْ فَلَمْ يُظْلَمْ السَّيِّدُ، وَلَمْ يُظْلَمْ الْجَانِي لَهُ، إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمُصِيبَةُ قَلِيلًا فَقَلِيلٌ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرًا فَكَثِيرٌ، لِأَنَّ مُوضِحَةَ الْعَبْدِ وَمُنَقِّلَتَهُ وَمَأْمُومَتَهُ وَجَائِفَتَهُ لَا بُدَّ لَهُنَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ شَيْءٌ، فَإِنْ أُخِذْنَ بِالْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ قِيمَةٌ لِأَنَّهُنَّ لَا يَرْجِعْنَ بِمُصِيبَةٍ، وَلَا يَكُونُ فِيهِنَّ عَيْبٌ وَلَا نَقْصٌ إلَّا مَا ذُكِرَ لَهُ وَلَهُمَا مَوْضِعٌ مِنْ الرَّأْسِ وَالدِّمَاغِ. فَرُبَّمَا أَفْضَى مِنْ الْعَظْمِ مِنْهُ إلَى النَّفْسِ فَيَرَى أَنْ يُجْعَلَ فِي ثَمَنِهِ عَلَى مِثْلِ حِسَابِهِ مِنْ عَقْلِ الْحُرِّ. ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ يُونُسُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا شَجَّ الْحُرُّ الْعَبْدَ مُوضِحَةً، فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ عَلَى الْحُرِّ الْجَارِحِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ يُصَابُ.

[الْعَبْدِ يُجْرَحُ أَوْ يُقْذَفُ فَيُقِرُّ سَيِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ]

فِي الْعَبْدِ يُجْرَحُ أَوْ يُقْذَفُ فَيُقِرُّ سَيِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَبْدًا جَرَحَهُ رَجُلٌ أَوْ قَذَفَهُ فَيُقِرُّ سَيِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ عَامَ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْجِرَاحَةِ أَوْ قَبْلَ الْقَذْفِ؟

قَالَ: لَا يُصَدَّقُ عَلَى الْجِرَاحِ وَلَا عَلَى الْقَذْفِ - عِنْدَ مَالِكٍ - وَيَكُونُ جُرْحُهُ جُرْحَ عَبْدٍ وَتَكُونُ دِيَةُ الْجُرْحِ لِلْعَبْدِ، لِأَنَّ السَّيِّدَ مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ الْعَامَ الْأَوَّلَ وَالسَّيِّدُ جَاحِدٌ، وَقَدْ جُرِحَ الْعَبْدُ أَوْ قُذِفَ بَعْدَ ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْعَبْدِ يُجْرَحُ أَوْ يُقْذَفُ فَتَقُومُ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ سَيِّدَهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْجِرَاحَةِ وَقَبْلَ الْقَذْفِ، أَنَّ دِيَةَ جِرَاحَاتِهِ دِيَةُ حُرٍّ، وَحَدُّ قَذْفِهِ ذَلِكَ حَدُّ قَذْفِ الْحُرِّ.

قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ جَاحِدًا لِلْعِتْقِ؟

قَالَ: إنَّمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ مَا أَخْبَرْتُكَ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ جَاحِدًا أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ، وَأَرَى أَنْ لَا يُلْتَفَتَ إلَى جُحُودِ السَّيِّدِ هَاهُنَا وَلَا إلَى إقْرَارِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ.

[عِتْق عَبْده ثُمَّ كتمه ذَلِكَ حَتَّى يستغله ويخدمه ثُمَّ يُقِرُّ بَعْد ذَلِكَ أَوْ تقوم لَهُ بَيِّنَة وَهُوَ جَاحِد]

فِي السَّيِّدِ يَعْتِقُ عَبْدَهُ ثُمَّ يَكْتُمُهُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَغِلَّهُ وَيَخْدُمَهُ ثُمَّ يُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ تَقُومُ لَهُ بَيِّنَةٌ وَهُوَ جَاحِدٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فَجَحَدَهُ الْعِتْقَ فَاسْتَغَلَّهُ أَوْ اسْتَخْدَمَهُ، أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ زَمَانٍ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ، مَا الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الَّذِي قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَهُوَ جَاحِدٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَجْحَدُ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَطِئَهَا، إنَّهُ إنَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِحُرِّيَّتِهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذِهِ أَقَرَّ وَأَقَامَ عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْزِعْ، فَإِنَّ الْحَدَّ يُقَامُ عَلَيْهِ، وَالْعِلَّةُ مَرْدُودَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَلَهُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>