للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَفْت لَك وَلَمْ يَقُلْ لَنَا مَالِكٌ إنَّهُ يُقَالُ لَهُ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَبَيَّنُوا ذَلِكَ.

قُلْت: أَرَأَيْت قَوْلَ مَالِكٍ يُحْبَسُ الْآبِقُ سَنَةً ثُمَّ يُبَاعُ، مِنْ أَيْنَ أَخَذَ السَّنَةَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ الْآبِقَ يُحْبَسُ سَنَةً

قُلْت: أَرَأَيْت الْقَاضِي إذَا جَاءَهُ الْبَغْلُ مَطْبُوعًا فِي عُنُقِهِ، وَجَاءَ بِكِتَابِ الْقَاضِي، أَيَأْمُرُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي جَاءَ بِالْبَغْلِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْبَغْلَ هُوَ الَّذِي حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي طَبَعَ الْقَاضِي فِي عُنُقِهِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ هَذَا، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْبَغْلُ مُوَافِقًا لِمَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي مِنْ صِفَتِهِ، وَخَاتَمُ الْقَاضِي فِي عُنُقِهِ، وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي جَازَ ذَلِكَ، وَلَا أَرَى أَنْ يَسْأَلَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْبَغْلَ هُوَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي عَلَيْهِ.

[شَهَادَةِ الْغُرَبَاءِ وَتَعْدِيلِهِمْ]

فِي شَهَادَةِ الْغُرَبَاءِ وَتَعْدِيلِهِمْ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ قَوْمًا غُرَبَاءَ شَهِدُوا فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ عَلَى حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ غَرِيبٍ مَعَهُمْ، أَوْ شَهِدُوا شَهَادَةً لِغَيْرِ غَرِيبٍ وَالشُّهُودُ لَا يُعْرَفُونَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، أَيَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ مَاذَا يَصْنَعُ؟

قَالَ: لَا يَقْبَلُ، شَهَادَتَهُمْ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا بِعَدَالَةٍ. وَلَقَدْ سَمِعْت مَالِكًا، وَسُئِلَ قَوْمٌ شَهِدُوا فِي حَقٍّ فَلَمْ يُعْدِلْهُمْ قَوْمٌ تُعْرَفُ عَدَالَتُهُمْ، فَعَدَّلَ الْمُعَدِّلِينَ آخَرُونَ، أَتَرَى أَنْ يَجُوزَ فِي ذَلِكَ تَعْدِيلٌ عَلَى تَعْدِيلٍ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الشُّهُودُ غُرَبَاءَ رَأَيْت ذَلِكَ جَائِزًا، وَإِنْ كَانُوا غُرَبَاءَ - وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ - لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتُوا بِمَنْ يُزَكِّيهِمْ. فَبِهَذَا يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا غُرَبَاءَ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ إلَّا بَعْدَ الْعَدَالَةِ. قُلْت: أَرَأَيْت قَوْلَك إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي الْمُعَدِّلِينَ الْأَوَّلِينَ. قَالَ: لَيْسَ الْقَاضِي يَعْرِفُ كُلَّ النَّاسِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ الْقَاضِي بِمَعْرِفَةِ النَّاسِ. وَإِنَّمَا قُلْت لَك فِي قَوْلِ مَالِكٍ، إنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي عَدَالَةً عَلَى عَدَالَةٍ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ حَتَّى تَكُونَ الْعَدَالَةُ عَلَى الشُّهُودِ أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ الْقَاضِي.

[فِيمَنْ وَجَدَ أَبِقَا أَيَأْخُذُهُ وَفِي الْآبِقِ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ وَالْقَضَاءُ فِيهِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ وَجَدَ آبِقًا أَوْ آبِقَةً، أَيَأْخُذُهُ أَمْ يَتْرُكُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الْآبِقِ يَجِدُهُ الرَّجُلُ، هَلْ تَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ أَمْ يَتْرُكَهُ؟

قَالَ: إنْ كَانَ لِجَارٍ أَوْ لِأَخٍ أَوْ لِمَنْ يَعْرِفُ، رَأَيْت أَنْ يَأْخُذَهُ. وَإِنْ كَانَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ فَلَا يَقْرَبْهُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ رَأَيْت أَنْ يَأْخُذَهُ إذَا كَانَ لِأَخٍ أَوْ لِجَارٍ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَيْضًا فَهُوَ فِي سَعَةٍ، وَلَكِنَّ مَالِكًا كَانَ يَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت الْآبِقَ إذَا لَمْ أَعْرِفْ سَيِّدَهُ إلَّا أَنَّ سَيِّدَهُ جَاءَنِي فَاعْتَرَفَهُ عِنْدِي، أَتَرَى أَنْ أَرْفَعَهُ إلَيْهِ أَمْ أَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى لَك أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ إذَا لَمْ تَخَفْ ظُلْمَهُ.

قُلْت أَرَأَيْت عَبْدًا آبِقًا آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ رَجُلٍ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ، فَعَطِبَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَالرَّجُلُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>