للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْهَبُ قَالَ مَالِكٌ وَقَالَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَالُوا كُلُّهُمْ: وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا.

قَالَ مَالِكٌ: وَقَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ أَنَّ ابْنَ أَبِي جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلَهُ. أَشْهَبُ عَنْ ابْنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ أَنَّ ثَوْرَ بْنَ زَيْدٍ الديلي حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا حَاضَتْ الْمُطَلَّقَةُ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا.

أَشْهَبُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَمْرٍو وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَقَدْ حَاضَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ رَجْعَةٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا قَدْ رَاجَعْتُكِ فَقَالَتْ مُجِيبَةً لَهُ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَأَكْذَبَهَا الزَّوْجُ؟ قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الزَّمَانِ مَا تَنْقَضِي فِي مِثْلِهِ الْعِدَّةُ صُدِّقَتْ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ سَكَتَتْ حَتَّى أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ إنَّكَ أَشْهَدْتَ عَلَى رَجْعَتِي وَإِنَّ عِدَّتِي قَدْ كَانَتْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ تُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِي؟

قَالَ: لَا تُصَدَّقُ.

قُلْتُ: وَلِمَ صَدَّقْتهَا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؟

قَالَ: لِأَنَّهَا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُجِيبَةٌ لَهُ فَرَدَّتْ عَلَيْهِ الرَّجْعَةَ وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُرَاجَعَتَهُ إيَّاهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَفِي مَسْأَلَتِكَ الْآخِرَةِ قَدْ سَكَتَتْ وَأَمْكَنَتْهُ مِنْ رَجْعَتِهَا ثُمَّ أَنْكَرَتْ بَعْدُ، فَلَا تُصَدَّقُ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَدْ ثَبَتَتْ لِلزَّوْجِ بِسُكُوتِهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي الْمَرْأَةِ تَطْلُقُ وَتَزْعُمُ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ أَوْ تَزْعُمُ أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ قَالَ: أَمَّا الْحَيْضُ فَتُسْأَلُ النِّسَاءَ فَإِنْ كُنَّ يَحِضْنَ لِذَلِكَ وَيَطْهُرْنَ صُدِّقَتْ، وَأَمَّا السَّقْطُ فَإِنَّ الشَّأْنَ فِيهِ أَنَّهُنَّ فِيهِ مَأْمُونَاتٌ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَكَادُ تُسْقِطُ الْمَرْأَةُ إلَّا عَلِمَ بِذَلِكَ الْجِيرَانُ، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُصَدَّقْنَ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

[دَعْوَى الْمَرْأَةِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا]

فِي دَعْوَى الْمَرْأَةِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا قُلْتُ لِأَشْهَبَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ قَدْ رَاجَعْتُكِ، فَقَالَتْ مُجِيبَةً لَهُ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي؟ قَالَ: هِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيمَا قَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهَا نَسَقًا لِكَلَامِهِ، وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنْ عِدَّةِ الْأَيَّامِ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا إلَى الْيَوْمِ الَّذِي قَالَتْ فِيهِ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي مَا تَنْقَضِي فِي مِثْلِهِ عِدَّةُ بَعْضِ النِّسَاءِ إذَا كَانَ ادِّعَاؤُهَا ذَلِكَ مِنْ حَيْضٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ سَقْطٍ فَقَوْلُهَا جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَعْدَ طَلَاقِهِ بِيَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ أَشْهَبُ: وَدَلَّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ إلَيْهِنَّ لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] ، فَفَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ لَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>