أَرَأَيْتَ إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُكِ بِيَدِكِ إنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ إنَّمَا تَبَرَّعَ بِهِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ، فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَلْبَتَّةَ، فَقَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ أُرِدْ ثَلَاثًا؟
قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ وَيَحْلِفُ، قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الَّذِي اشْتَرَطُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ.
قُلْتُ: وَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لِأَنَّ هَذَا تَبَرَّعَ بِهِ وَالْآخَرَ شَرَطُوا عَلَيْهِ، فَلَا يَنْفَعُهَا إذَا مَا شَرَطُوا لَهَا؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا إلَّا وَاحِدَةً كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَاَلَّذِي تَبَرَّعَ بِذَلِكَ - مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ - الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِكِ إلَى سَنَةٍ، هَلْ تُوقَفُ حِينَ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِكِ إلَى سَنَةٍ مَكَانَهَا أَمْ لَا يَعْرِضُ لَهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ تُوقَفُ مَتَى عُلِمَ بِذَلِكَ، وَلَا تُتْرَكُ امْرَأَةٌ وَأَمْرُهَا بِيَدِهَا حَتَّى تُوقَفَ، فَإِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَأَمَّا أَنْ تَرُدَّ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ الَّتِي ذَكَرْتَ حِينَ قَالَ لَهَا إذَا أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَنَّهَا تُوقَفُ فَإِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا فَلَا تُوقَفُ، وَوَطْؤُهُ إيَّاهَا رَدٌّ لِمَا كَانَ فِي يَدَيْهَا مِنْ ذَلِكَ، وَأَصْلُ هَذَا إنَّمَا بُنِيَ عَلَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ إلَى أَجَلٍ فَهِيَ السَّاعَةَ طَالِقٌ، فَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إلَى أَجَلٍ أَنَّهَا تُوقَفُ السَّاعَةَ فَتَقْضِي أَوْ تَرُدُّ إلَّا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ الْوَطْءِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا لِمَا جَعَلَ إلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ يَكُونُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا وَإِنْ مَاتَا تَوَارَثَا، قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلٍ حِمْصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَلَمْ تَقْبَلْ نَفْسَهَا فَلَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ» وَقَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءُ بْنُ رَبَاحٍ.
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَوْ خَيَّرَهَا فَتَفَرَّقَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُحْدِثَ إلَيْهِ شَيْئًا فَأَمْرُهَا إلَى زَوْجِهَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْمُثَنَّى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَإِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ ذَلِكَ فِي أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَرَبِيعَةُ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ عِنْدَنَا الَّذِي لَمْ أَرَ أَحَدًا يَخْتَلِفُ فِيهِ عَلَى هَذَا.
[بَابُ الْحَرَامِ]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلِيّ حَرَامٌ، هَلْ تَسْأَلُهُ عَنْ نِيَّتِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ؟
قَالَ: لَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَهِيَ ثَلَاثٌ أَلْبَتَّةَ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute