للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا قَضَاك أَقَلَّ عَدَدًا وَأَقَلَّ وَزْنًا لِأَنَّ هَذَا رَجُلٌ قَضَى أَقَلَّ مِنْ عَدَدِ الدَّرَاهِمِ وَأَقَلّ وَزْنًا مِنْ وَزْنِ الدَّرَاهِمِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قُلْت: فَإِنْ قَضَاهُ أَقَلَّ عَدَدًا وَوَزْنُ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ وَزْنِ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أُقْرِضَتْ؟

قَالَ: هَذَا لَا يَصْلُحُ عِنْدَ مَالِكٍ قُلْت: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بَيْعًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي كُلِّ دِرْهَمٍ قَدْ صَارَتْ بَيْعًا بِفَضْلِ عَدَدِ الْقَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ مِثْلَ وَزْنِ دَرَاهِمِ الْقَرْضِ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا شَيْءٌ يَكُونُ بَيْعًا فَلِذَلِكَ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ عَدَدًا قُلْت: أَصْلُ كَرَاهِيَةِ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ حِينَ جَعَلَ الْعَدَدَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعِ إذَا تَفَاضَلَ الْوَزْنُ فَإِذَا اسْتَوَى الْعَدَدَانِ وَتَفَاضَلْت الدَّرَاهِمُ فِي الْوَزْنِ لَمْ يَجْعَلْهُ بَيْعًا، لِمَ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ؟ وَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا؟

قَالَ: لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ أَتَى بِسِتَّةِ دَنَانِيرَ إلَى رَجُلٍ تَنْقُصُ سُدُسًا سُدُسًا فَقَالَ أَبْدِلْهَا لِي بِثَلَاثَةٍ وَازِنَةٍ فَإِنِّي أَحْتَاجُ إلَيْهَا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَلَوْ قَالَ أَعْطِنِي بِهَا خَمْسَةً قَائِمَةً لَمْ يَحِلَّ فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ إذَا اسْتَوَى لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْعَدَدُ كَانَ ذَلِكَ بَيْعًا

[يُقْرِضُ الرَّجُلَ الدَّرَاهِمَ يَزِيدِيَّةً فَيَأْتِيه بِمُحَمَّدِيَّةٍ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهَا]

فِي الرَّجُلِ يُقْرِضُ الرَّجُلَ الدَّرَاهِمَ يَزِيدِيَّةً فَيَأْتِيه بِمُحَمَّدِيَّةٍ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهَا قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي أَقْرَضْت رَجُلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ يَزِيدِيَّةً إلَى سَنَةٍ فَأَتَانِي بِمِائَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ قَبْلَ السَّنَةِ فَقَالَ: خُذْهَا.

وَقُلْت لَا آخُذُهَا إلَّا يَزِيدِيَّةً قَالَ: ذَلِكَ لَك أَنْ لَا تَأْخُذَهَا إلَّا يَزِيدِيَّةً وَلَوْ حَلَّ الْأَجَلُ أَيْضًا فَجَاءَ بِمُحَمَّدِيَّةٍ فَقَالَ لَا أَقْبَلُ إلَّا يَزِيدِيَّةً كَانَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا آخُذُ إلَّا مِثْلَ الَّذِي لِي قَالَ: لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالطَّعَامَ عِنْدَ مَالِكٍ سَوَاءٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَسَلَّفَ مَحْمُولَةً فَأَتَاهُ بِسَمْرَاءَ وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ الْمَحْمُولَةِ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُهَا وَلَا آخُذُ إلَّا مَحْمُولَةً كَانَ ذَلِكَ لَهُ قُلْت: وَالدَّرَاهِمُ إنْ كَانَتْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ كَانَتْ سَوَاءً فِي مَسْأَلَتِي حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ إذَا رَضِيَ أَنْ يَأْخُذَ مُحَمَّدِيَّةً مِنْ يَزِيدِيَّةٍ جَازَ ذَلِكَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ وَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا لِأَنَّهَا وَرِقٌ كُلُّهَا وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ، وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَلَيْسَتْ جُنُوسًا كَجُنُوسِ الطَّعَامِ، وَإِنَّمَا هِيَ سِكَّةٌ وَهِيَ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ كُلُّهَا وَالطَّعَامُ جُنُوسٌ وَإِنْ كَانَتْ حِنْطَةً كُلَّهَا لِأَنَّ الْحِنْطَةَ لَهَا أَسْوَاقٌ تَحُولُ إلَيْهَا فَتَصِيرُ إلَى تِلْكَ الْأَسْوَاقِ وَالدَّرَاهِمُ لَيْسَتْ لَهَا أَسْوَاقٌ تَحُولُ إلَيْهَا مِثْلَ الطَّعَامِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ قَبْلَ مَحِلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>