إلَيْهِ فَأَرَدْتُ رَدَّ الْعَبْدِ؟ قَالَ مَالِكٌ: تَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا دَفَعْتَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ ذَلِكَ الَّذِي دَفَعْتَهُ فَإِنَّمَا لَكَ مِثْلُهُ
قُلْتُ: فَإِنْ كُنْتُ ابْتَعْت عَبْدًا بِعَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَأَصَبْتُ بِهِ عَيْبًا وَقَدْ تَلِفَ الْعَرَضُ عِنْدَ الَّذِي دَفَعْته إلَيْهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْعَرَضِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِعَرَضٍ مِثْلِهِ، قَالَ: وَمَا يُوزَنُ وَيُكَالُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَأَمَّا الْعُرُوض كُلُّهَا فَإِنَّمَا لَهُ قِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ قَدْ تَلِفَتْ، وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَتْلَفْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ فَاتَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ اخْتِلَافٍ مِنْ أَسْوَاقٍ أَوْ بَيْعٍ فَإِنَّمَا لَهُ قِيمَتُهَا.
قُلْتُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْعُرُوضِ فِي هَذَا وَبَيْنَ مَا يُوزَنُ وَيُكَالُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْعُرُوضَ لَا يَسْتَطِيعُ رَدَّ مِثْلِهَا وَهُوَ حِينَ قَبَضَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبَضَهَا إنْ حَالَتْ عَنْ حَالِهَا فَإِنْ تَلِفَتْ الْعُرُوض عِنْدَ الَّذِي بَاعَ الْعَبْدَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا، قَالَ: وَأَمَّا مَا يُوزَنُ وَيُكَالُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِيهِ قِيمَةٌ إنْ حَالَ فَهُوَ، وَإِنْ تَلِفَ فَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ فَإِذَا أَخَذَ مِثْلَهُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ شَيْأَهُ بِعَيْنِهِ
[يَبْتَاعُ الْعَبْدَ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ يُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ]
فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ يُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا فَلَمْ أَقْبِضْهُ مَنْ الْبَائِعِ حَتَّى أَعْتَقْته أَيَلْزَمُنِي الْعِتْقُ أَمْ لَا؟ قَالَ: الْعِتْقُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَتُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ قِيمَتُهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا يَجُوزُ عِتْقُهُ.
قُلْتُ: لِمَ أَجَزْتَ عِتْقَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَهُوَ إنَّمَا يَضْمَنُهُ يَوْمَ يَقْبِضُهُ، وَالْبَيْعُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا مَفْسُوخٌ لَا يُقَرُّ فَعُقْدَتُهُمَا الَّتِي عَقَدَا بَاطِلٌ فَلِمَ أَجَزْتَ عِتْقَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ؟ قَالَ: لِأَنَّ عِتْقَهُ الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ قَبْضٌ مِنْهُ لِلْعَبْدِ، فَهُوَ إذَا أَعْتَقَهُ دَخَلَ فِي عِتْقِهِ إيَّاهُ قَبْضُهُ لِلْعَبْدِ وَفَوَاتٌ لِلْعَبْدِ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِنُقْصَانِ بَدَنٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ وَلَا بِحَوَالَةِ أَسْوَاقٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ الْغَائِبَ وَيَشْتَرِطُ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ مِنْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَتَجِبُ الصَّفْقَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ وَلَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُجُوبِ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَقَدْ اشْتَرَطَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْبَائِعِ جَازَ الْعِتْقُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute