[كِتَابُ الْحَجِّ الثَّانِي]
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ مُحْرِمًا عَبَثَ بِذَكَرِهِ فَأَنْزَلَ يُفْسِدُ ذَلِكَ حَجَّهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ رَاكِبًا فَهَزَّتْهُ دَابَّتُهُ فَتَرَكَ ذَلِكَ اسْتِلْذَاذًا مِنْهُ لَهُ حَتَّى أَنْزَلَ، فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ، أَوْ تَذَكَّرَ فَأَدَامَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ تَلَذُّذًا مِنْهُ بِذَلِكَ وَهُوَ مُحْرِمٌ حَتَّى أَنْزَلَ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ قَابِلًا.
قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَفَعَلَتْ مَا تَفْعَلُ شِرَارُ النِّسَاءُ فِي إحْرَامِهَا مَنْ الْعَبَثِ بِنَفْسِهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ، أَتَرَاهَا قَدْ أَفْسَدَتْ حَجَّهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ هُوَ لَمَسَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ قَابِلًا وَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ، وَإِنْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ الْمَاءَ وَلَمْ يُدِمْ ذَلِكَ فَجَاءَهُ مَاءٌ دَافِقٌ فَأَهْرَاقَهُ وَلَمْ يُتْبِعْ النَّظَرَ تَلَذُّذًا بِذَلِكَ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ الدَّمُ، قَالَ: وَإِنْ أَدَامَ النَّظَرَ وَاشْتَهَى بِقَلْبِهِ حَتَّى أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ قَابِلًا وَالْهَدْيُ وَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ قَبَّلَ أَوْ غَمَزَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ جَسَّ أَوْ تَلَذَّذَ بِشَيْءٍ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يُنْزِلْ وَلَمْ تَغِبْ الْحَشَفَةُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ بِذَلِكَ الدَّمُ وَحَجُّهُ تَامٌّ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أُحْصِرَ بَعْدُ وَفِي بَعْضِ الْمَنَاهِلِ، هَلْ يَثْبُتُ حَرَامًا حَتَّى يَذْهَبَ يَوْمُ النَّحْرِ أَوْ يَيْأَسُ مِنْ أَنْ يَبْلُغَ مَكَّةَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ، أَمْ يَحِلُّ وَيَرْجِعُ؟
قَالَ: فَإِذَا أُحْصِرَ بَعْدُ وَغَالَبَ لَمْ يُعَجِّلْ بِرُجُوعٍ حَتَّى يَيْأَسَ، فَإِذَا يَئِسَ حَلَّ مَكَانَهُ وَرَجَعَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَهُ وَحَلَقَ وَحَلَّ وَرَجَعَ إلَى بِلَادِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا قَوْلُهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ حُصِرَ بَعْدُ وَنَحَرَ إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَحَلَقَ وَقَصَّرَ وَرَجَعَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَرُورَةً، وَيَحِلُّ مَكَانَهُ حَيْثُ حُصِرَ حَيْثُمَا كَانَ مِنْ الْبِلَادِ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ هُنَاكَ وَيَحْلِقُ هُنَاكَ أَوْ يُقَصِّرُ وَيَرْجِعُ إلَى بِلَادِهِ، قُلْت: فَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى بِلَادِهِ؟
قَالَ: يَحْلِقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ حُصِرَ فَيَئِسَ مَنْ أَنْ يَصِلَ إلَى الْبَيْتِ بِفِتْنَةٍ نَزَلَتْ أَوْ لِعَدُوٍّ