الثَّمَنِ، فَيَكُونَ رَهْنًا بِجَمِيعِ حَقِّكَ، وَيُوضَعُ عَلَى يَدَيْ مَنْ كَانَ الثَّوْبُ عَلَى يَدَيْهِ، وَهَذَا رَأْيِي.
[فِي ضَيَاعِ الرَّهْنِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ إذَا ضَاعَ ضَيَاعًا ظَاهِرًا أَوْ غَيْرَ ظَاهِرٍ]
ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحَيَوَانَ كُلَّهُ إذَا ارْتَهَنَهُ الرَّجُلُ، فَضَلَّ أَوْ أَبَقَ أَوْ مَاتَ أَوْ عَمِيَ أَوْ أَصَابَهُ عَيْبٌ مِمَّنْ ضَمَانُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ الرَّاهِنِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا يَغِيبُ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ، إذَا ضَاعَ ضَيَاعًا ظَاهِرًا، أَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الرَّاهِنِ؟
قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ يُصِيبُهُ أَمْرُ اللَّهِ تَقُومُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ لَمْ تَأْتِ مِنْ سَبَبِ الَّذِي هُوَ عَلَى يَدَيْهِ فَهُوَ مِنْ الرَّاهِنِ.
قُلْتُ: فَإِنْ شَهِدَتْ شُهُودٌ لِلْمُرْتَهِنِ، أَنَّ رَجُلًا وَثَبَ عَلَى الثِّيَابِ فَأَحْرَقَهَا فَغَابَ وَلَمْ يُوجَدْ، مِمَّنْ مُصِيبَةُ؟ ذَلِكَ قَالَ: مِنْ الرَّاهِنِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ يُصِيبُ الرَّهْنَ تَقُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، أَنَّ هَلَاكَهُ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْمُرْتَهِنِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَحْرَقَهُ رَجُلٌ فَغَرِمَ قِيمَتَهُ، أَتَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا مَكَانَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ إنْ أَتَى الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ مَكَانَهُ؛ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَإِلَّا جُعِلَتْ هَذِهِ الْقِيمَةُ رَهْنًا
[فِي بَيْعِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِأَمْرِهِ]
ِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا رَهَنَ الرَّجُلُ رَهْنًا فَبَاعَهُ الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ.
قَالَ: فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَإِنْ أَجَازَهُ الْمُرْتَهِنُ جَازَ الْبَيْعُ وَعَجَّلَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ أَوْ يَرُدَّ إذَا بَاعَهُ الرَّاهِنُ بِأَقَلَّ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهَنِ. فَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ حَقِّ الْمُرْتَهَنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَخَذَ حَقَّهُ، فَلَا حُجَّةَ لَهُ.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَمْ آذَنْ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ لِيَأْخُذَ الرَّاهِنُ الثَّمَنَ.
قَالَ: يُحَلَّفُ فَإِنْ حَلَفَ، فَإِنْ أَتَى الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ يُشْبِهُ الرَّهْنَ الَّذِي بَاعَ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ وَوَقَفَا لَهُ رَهْنًا وَأَخَذَ الرَّاهِنُ الثَّمَنَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَهْنٍ مِثْلِ رَهْنِهِ الْأَوَّلِ، تَكُونُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ، وَقَفَ هَذَا الثَّمَنُ إلَى مَحَلِّ أَجَلِ دَيْنِهِ وَلَمْ يُعَجِّلُ لِلْمُرْتَهِنِ الدَّيْنَ.
قُلْتُ: وَمَا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْضًا لِلرَّهْنِ، إنَّمَا ذَلِكَ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ، وَالرَّهْنُ فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ.
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَمْكَنَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ مَنْ الرَّهْنِ لِيَبِيعَهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدَيْهِ إلَيْهِ، أَيَكُونُ الرَّهْنُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَاهُ قَدْ نَقَضَ رَهْنَهُ حَيْثُ أَسْلَمَهُ إلَى الرَّاهِنِ وَأَذِنَ لَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْبَيْعِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.