مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ فَهُوَ حُرٌّ؟
قَالَ: فَذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا كَلَّمَ فُلَانًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الصَّقَالِبَةِ فَهُوَ حُرٌّ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى بَعْدَ يَمِينِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُ صَقَالِبَةٌ ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ الِاشْتِرَاءِ؟
قَالَ: فَهُمْ أَحْرَارٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِيَمِينِهِ كُلَّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ بَعْدَ حِنْثِي فَهُوَ حُرٌّ، فَذَلِكَ عَلَى مَا نَوَى إذَا كَانَ ذَلِكَ الَّذِي نَوَى وَأَرَادَ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَهُوَ حُرٌّ؟
قَالَ: هَذَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَّتَ.
[الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ إنْ كَلَّمَ رَجُلًا]
فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ إنْ كَلَّمَ رَجُلًا فَيَبِيعُهُ أَوْ يُكَاتِبُهُ ثُمَّ يُكَلِّمُهُ ثُمَّ يَبْتَاعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَعَبْدِي حُرٌّ، فَبَاعَهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَحْنَثُ هَهُنَا.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ حِينَ كَلَّمَهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ فِيهِ إذَا حَنِثَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ فَلِسَ فَبَاعَهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ ثُمَّ أَيْسَرَ يَوْمًا مَا فَاشْتَرَاهُ فَكَلَّمَهُ؟
قَالَ: يَحْنَثُ وَلَيْسَ يَبِيعُ السُّلْطَانُ إيَّاهُ مِمَّا يُخْرِجُهُ مِنْ يَمِينِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَبَيْعُهُ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ وَاحِدٌ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَلَّمَ فُلَانًا الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَمَا وَرِثَ الْعَبْدَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ.
قُلْتُ: فَلَوْ حَلَفْتُ بِعِتْقِهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا، فَبِعْتُهُ ثُمَّ كَلَّمْتُ فُلَانًا ثُمَّ وَهَبَ لِي الْعَبْدَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ، فَكَلَّمْتُهُ؟
قَالَ: هُوَ حَانِثٌ.
قُلْتُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمِيرَاثِ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَبَيْنَ الشِّرَاءِ وَالصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَمْ يَجُرَّهُ إلَى نَفْسِهِ، وَلَكِنَّ الْمِيرَاثَ جَرَّ الْعَبْدَ إلَيْهِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا هُوَ جَرَّهَا إلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهَا تَرَكَهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَكَاتَبَهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا؟
قَالَ: يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ فَحَنِثَ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وَالْإِمَاءُ وَالْعَبِيدُ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَاتَبَهُ وَعَبْدًا آخَرَ مَعَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً ثُمَّ كَلَّمَ السَّيِّدُ فُلَانًا، أَيُعْتَقُ هَذَا الَّذِي كَانَ حَلَفَ بِعِتْقِهِ؟
قَالَ: لَا أَرَى الْعِتْقَ جَائِزًا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ صَاحِبُهُ، لِأَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا السَّاعَةَ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَيَجُوزُ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ، لِأَنَّهُ إنَّمَا أُعْتِقَ بِكَلَامِ مَوْلَاهُ حِينَ كَلَّمَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِابْتِدَاءِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا بِعِتْقِ رَقِيقِهِ، فَبَاعَهُمْ فَوَقَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عِنْدَ وَالِدِهِ أَوْ عِنْدَ أَخٍ لَهُ فَمَاتَ فَبِيعَ فِي مِيرَاثِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ رَأْسًا ثُمَّ كَلَّمَ صَاحِبَهُ.