إجَارَتُهُ عَلَى الْجُعْلِ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ لَازِمَةً لَهُ فِيهَا الْخِيَارُ، فَلَا يَصْلُحُ فِيهَا النَّقْدُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي مَسْأَلَتِي هَذِهِ فِي إجَارَتِهِ أَنَّهُ مَتَى شَاءَ أَنْ يَذْهَبَ ذَهَبَ وَلَكِنَّهُ آجَرَ نَفْسَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَبِيعُ لَهُ هَذِهِ السِّلْعَةَ إلَى شَهْرٍ أَيَجُوزُ فِي هَذَا النَّقْدُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ فِي هَذَا النَّقْدُ لِأَنَّهُ إنْ بَاعَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ رَدَّ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ، فَلَا يَجُوزُ هَذَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَضَى يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ، وَالسِّلْعَةُ عَلَى حَالِهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْهُ، وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْهُ فَلَمَّا مَضَى يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ قَالَ الْأَجِيرُ لِلَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى بَيْعِ تِلْكَ السِّلْعَةِ أَعْطِنِي إجَارَةَ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ أَوْ هَذَا الْيَوْمِ بِحِسَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الشَّهْرِ؟
قَالَ: ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَيَّامٍ وَيُعْطِي عَلَى حِسَابِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا حَتَّى اسْتَكْمَلَ الشَّهْرَ كَانَتْ إجَارَتُهُ إجَارَةً تَامَّةً، وَإِنْ بَاعَ فِيهَا دُونَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ الشَّهْرِ وَيُعْطَى مِنْ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ مَا أَقَامَ فِي الْمَتَاعِ - بَاعَ أَوْ لَمْ يَبِعْ - الْإِجَارَةُ تَلْزَمُهُ فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يَبِيعَ الْمَتَاعَ قَبْلَ الشَّهْرِ فَيَكُونَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْته شَهْرًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ لِي ثَوْبًا وَلَهُ دِرْهَمٌ؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ إنْ بَاعَ قَبْلَ ذَلِكَ أَخَذَ الْإِجَارَةَ بِحِسَابِ مَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ.
قُلْتُ: وَالْقَلِيلُ مِنْ السِّلَعِ وَالْكَثِيرُ تَصْلُحُ فِيهِ الْإِجَارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الْقَلِيلِ شَيْئًا، وَلَكِنْ لَمَّا جَوَّزَ مَالِكٌ فِي الْقَلِيلِ بِجُعْلٍ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عِنْدِي فِيهِ أَجْوَزَ.
[السَّلَفِ وَالْإِجَارَةِ]
فِي السَّلَفِ وَالْإِجَارَةِ قُلْتُ: لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى حَائِكٍ غَزْلًا يَنْسِجُهُ لِي وَقُلْت لَهُ: زِدْ عَلَيْهِ رَطْلًا مِنْ غَزْلٍ مَنْ عِنْدِكَ عَلَى أَنْ أَقْضِيَكَهُ وَأَجْرُك عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي نَسْجِهِ؟ قَالَ: لَا يَصْلُحُ هَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ فَلَا يَصْلُحُ كُلُّ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً. سَحْنُونٌ وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute