فَرَّقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَأَجْزَأَهُ عَنْهُ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا فَرَّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ لَمْ آمُرْهُ أَنْ يُعِيدَ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالُوا: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُفَرِّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ إذَا أُحْصِيَتْ الْعِدَّةُ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَأَنَّ ابْنَ عَمْرٍو وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَابْنَ عُمَرَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: كَرِهُوا أَنْ يُفَرِّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ.
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ وَلْيَصُمْ مَا بَقِيَ.
قُلْتُ أَرَأَيْتَ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهُ وَلَسْتُ أَرَى عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَاجِبًا.
[يَنْذِرُ صِيَامًا مُتَتَابِعًا]
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا أَوْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا وَلَا شَهْرًا بِعَيْنِهِ، فَقَالَ: يَصُومُ عَدَدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ فَرَّقَهُ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَهُ وَإِنْ قَالَ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَهُ، وَالشُّهُورُ عِنْدِي مِثْلُ الْأَيَّامِ وَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَفْرِقَتِهِ أَوْ مُتَابَعَتِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُتَتَابِعًا.
قُلْتُ: فَإِنْ نَذَرَ سَنَةً؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَصُومَ سَنَةً عَلَى وَجْهِهَا لَيْسَ فِيهَا رَمَضَانُ وَلَا أَيَّامُ الذَّبْحِ وَلَا أَيَّامُ الْفِطْرِ.
قَالَ فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَإِنْ نَذَرَ سَنَةً بِعَيْنِهَا أَفَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ رَمَضَانَ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَأَيَّامَ الذَّبْحِ؟
قَالَ: لَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ مَا كَانَ مِنْهَا يُصَامُ وَيُفْطِرَ مِنْهَا مَا كَانَ يُفْطَرُ، قَالَ: وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَقُولُ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ الْيَوْمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي لَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِيهَا قَضَاءٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى فِي الَّذِي نَذَرَ سَنَةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَنْ يَصُومَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لَيْسَ فِيهَا يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا أَيَّامُ الذَّبْحِ وَلَا رَمَضَانُ، قَالَ: وَيَصُومُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مَا كَانَ مِنْهَا مِنْ الْأَشْهُرِ فَعَلَى الْأَهِلَّةِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا يُفْطِرُ مِثْلَ رَمَضَانَ وَيَوْمِ الْفِطْرِ وَأَيَّامِ الذَّبْحِ أَفْطَرَهُ وَقَضَاهُ، وَيَجْعَلُ الشَّهْرَ الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، إلَّا أَنْ يَنْذِرَ سَنَةً بِعَيْنِهَا فَيَصُومَ مِنْهَا مَا كَانَ يُصَامُ، وَيُفْطِرَ مِنْهَا مَا كَانَ يُفْطَرُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ يُفْطَرُ فِيهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى قَضَاءَهُ وَمَا مَرِضَ فِيهِ حَتَّى أُلْجِئَ إلَى الْفِطْرِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا بِعَيْنِهِ فَمَرِضَ. فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ إنَّمَا أَتَى مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ سَبَبِهِ، فَكَذَلِكَ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا.
قَالَ فَقُلْنَا لَهُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَدَأَ صِيَامًا عَلَيْهِ مِنْ نَذْرٍ نَذَرَهُ صَوْمِ أَشْهُرٍ مُتَتَابِعَاتٍ أَوْ غَيْرِ مُتَتَابِعَاتٍ، فَصَامَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ فَكَانَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَيَقْضِي مَا أَفْطَرَ مِنْهُ أَمْ يَسْتَكْمِلُ الشَّهْرَ بِمَا صَامَ مِنْهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا؟
قَالَ: بَلْ يَسْتَكْمِلُ الشَّهْرَ تَامًّا