دَمُكَ. فَأَنْتَ لَا مَنْفَعَةَ لَكَ هَاهُنَا، فَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَيْهِ دُونَ أَصْحَابِهِ. وَفِي الْخَطَأِ إنْ قَصَدُوا قَصْدَ وَاحِدٍ لِيُقْسِمُوا عَلَيْهِ كَانَتْ لَهُ الْحُجَّةُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ هَذَا الضَّرْبُ مِنَّا جَمِيعًا. فَالدِّيَةُ تَجِبُ لَهُ إذَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِنَا فِي قَبَائِلِنَا كُلِّنَا، فَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَقْصِدُوا بِالدِّيَةِ قَصْدِي وَقَصْدَ عَاقِلَتِي، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَكَالَاتِ فِي الْخُصُومَاتِ كُلِّهَا وَالْمُوَكَّلُ حَاضِرٌ، أَيَجُوزُ - وَلَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ بِالْوَكَالَةِ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَرِهَ خَصْمُهُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُوَكِّلَ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَجُلًا قَدْ عُرِفَ أَذَاهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَذَاهُ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
[قَتَلَ رَجُلًا وَلَهُ أَوْلِيَاءُ فَمَاتَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ]
مَا جَاءَ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا وَلَهُ أَوْلِيَاءُ فَمَاتَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا - وَلَهُ أَوْلِيَاءُ - فَقَامُوا عَلَى الْقَاتِلِ لِيَقْتُلُوهُ فَلَمْ يَقْتُلُوهُ حَتَّى مَاتَ وَاحِدٌ مَنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَكَانَ الْقَاتِلُ وَارِثَهُ، أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: إذَا مَاتَ وَارِثُ الْمَقْتُولِ الَّذِي لَهُ الْقِيَامُ بِالدَّمِ، فَوَرَثَتُهُ مَكَانَهُ يَجُوزُ عَفْوُهُمْ، وَلَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ بِمَنْزِلَةِ مَا كَانَ لِصَاحِبِهِمْ الَّذِي وَرِثُوهُ. فَهَذَا الْقَاتِلُ إذَا كَانَ هُوَ وَارِثَ الْمَيِّتِ الَّذِي لَهُ الْقِصَاصُ فَقَدْ بَطَلَ الْقِصَاصُ فِي رَأْيِي، وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِأَصْحَابِهِ حُظُوظُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْفُوا عَلَى مَالٍ فَيَقُولُ هَذَا الْقَاتِلُ لَا أَقْبَلُ عَفْوَكُمْ عَلَى مَالٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَالُ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا وَقَعَ لَهُ فِي دَمِ نَفْسِهِ مُورَثٌ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْقِصَاصَ مِنْهُ، فَصَارَ عَلَيْهِ حُظُوظُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَفَا فَيُقْضَى لِشُرَكَائِهِ بِحُظُوظِهِمْ مِنْ الدِّيَةِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي مَاتَ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ، إنْ كَانَ وَرَثَتُهُ رِجَالًا وَنِسَاءً، أَيَكُونُ لِلنِّسَاءِ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - فِي الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ، يَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ هَاهُنَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لِوَرَثَةِ وَلِيِّ الدَّمِ إذَا مَاتَ مَا كَانَ لِوَلِيِّ الدَّمِ، وَإِنَّمَا وَرِثَ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ مَا كَانَ لِصَاحِبِهِمْ وَقَدْ كَانَ لِصَاحِبِهِمْ أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَعْفُوَ، فَذَلِكَ لَهُمْ لِرِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ قُتِلَ رَجُلٌ عَمْدًا - وَلَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ - فَمَاتَتْ إحْدَى الْبَنَاتِ وَتَرَكَتْ أَوْلَادًا ذُكُورًا؟ قَالَ: فَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِهَا فِي الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ وَلَا الْقِيَامِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأُمِّهِمْ فِي هَذَا الدَّمِ أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ وَلَا أَنْ تَقُومَ بِالْقِصَاصِ فِيهِ - عِنْدَ مَالِكٍ - وَإِنَّمَا كَانَ لِأُمِّهِمْ إنْ عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ الذُّكُورِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ فَصَارَتْ دِيَةً أَنْ تَدْخُلَ فِي الدِّيَةِ فَتَأْخُذَ حِصَّتَهَا. فَإِنَّمَا لِوَلَدِهَا مَا كَانَ لَهَا إنْ عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ الذُّكُورِ عَنْ الدَّمِ، كَانَ لِوَلَدِهَا أَنْ يَأْخُذُوا حِصَّتَهَا مِنْ الدِّيَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُ رَجُلًا عَمْدًا وَوَلِيُّ الدَّمِ ابْنِي أَيَكُونُ لِابْنِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنِّي؟ قَالَ: لَا، وَقَدْ سَمِعْتُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ. وَقَالَ: يُكْرَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ فِي الْحَقِّ، فَكَيْفَ يَقْتُلُهُ؟
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُتِلَ رَجُلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute