للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا عَرَفُوا أَنَّهُ الْكِتَابُ بِعَيْنِهِ، فَلْيَشْهَدُوا عَلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَهُ إذَا طَبَعَ عَلَيْهَا وَدَفَعَهَا إلَى نَفَرٍ وَأَشْهَدَهُمْ أَنَّ مَا فِيهَا مِنْهُ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكْفُلُوا خَاتِمَهُ حَتَّى يَمُوتَ. قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا أَشْهَدَهُمْ أَنَّ مَا فِيهَا مِنْهُ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَطَبَعَ عَلَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَإِذَا قَدِمَ قَبَضَهَا مِنْهُ.

[فِي الرَّجُلِ يَكْتُبُ وَصِيَّتَهُ وَيُقِرُّهَا عَلَى يَدِهِ حَتَّى يَمُوتَ]

َ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قُلْتُ لِمَالِكٍ: الرَّجُلُ يُوصِي عِنْدَ سَفَرِهِ وَعِنْدَ مَرَضِهِ فَيَكْتُبُ وَصِيَّتَهُ وَيَضَعُهَا عَلَى يَدِ رَجُلٍ، ثُمَّ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ يَبْرَأُ مَنْ مَرَضِهِ فَيَقْبِضُهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ فَيَهْلِكُ، فَتُوجَدُ الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا، أَوْ تَقُومُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا هِيَ، أَتَرَى أَنْ تَنْفُذَ؟

قَالَ: لَا، وَكَيْفَ تَجُوزُ وَهِيَ فِي يَدِهِ قَدْ أَخَذَهَا؟ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَخَذَهَا لِيُؤَامِرَ نَفْسَهُ فِيهَا، وَلَيْسَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ وَصِيَّتَهُ بِأَخْذِهَا وَيَجْعَلَهَا عَلَى يَدَيْ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ إذَا جَعَلَهَا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَأَقَرَّهَا عِنْدَ نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ مَاتَ، أَتَجُوزُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَأَمْسَكَهَا عِنْدَ نَفْسِهِ حَتَّى مَاتَ، أَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ هَذِهِ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: وَصِيَّتُهُ جَائِزَةٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ إذَا كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَلَمْ يَقُلْ إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا أَنَّهَا جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُبْهَمَةً لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ وَلَا ذَكَرَ سَفَرَهُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ. وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ كَتَبَهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ، فَهِيَ جَائِزَةٌ إذَا كَتَبَ فِيهَا: مَتَى مَا حَدَثَ بِي حَدَثٌ أَوْ إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ، أَخْرَجَهَا مَنْ يَدَيْهِ أَوْ كَانَتْ عَلَى يَدَيْهِ، فَهِيَ جَائِزَةٌ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا الشُّهُودَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى فَقَالَ: إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فِي مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا، فَلِفُلَانٍ كَذَا وَفُلَانٌ عَبْدِي حُرٌّ. وَكَتَبَ ذَلِكَ فَبَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَأَقَرَّ وَصِيَّتَهُ بِحَالِهَا؟

قَالَ: هِيَ وَصِيَّةٌ بِحَالِهَا مَا لَمْ يَنْقُضْهَا، فَمَتَى مَا مَاتَ فَهِيَ جَائِزَةٌ وَإِنْ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَوْصَى بِغَيْرِ كِتَابٍ فَقَالَ: إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فِي سَفَرِي هَذَا أَوْ فِي مَرَضِي هَذَا أَوْ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إذَا صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا نَقَضَهُ بِفِعْلٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى حَالٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، يُرِيدُ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ كَتَبَ بِذَلِكَ كِتَابًا وَوَضَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>