للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي، أَيَحُدُّهُ الْقَاضِي أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقِيمُ الْحُدُودَ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ شَاهِدٌ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَاهِدٌ آخَرُ أَيْضًا لَمْ يُقِمْ الْحَدَّ، وَلَكِنْ يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَيُقِيمُ الْحَدَّ.

قُلْت: أَرَأَيْت الْقَاضِي إذَا نَظَرَ إلَى رَجُلٍ اغْتَصَبَ مَنْ رَجُلٍ مَالًا وَلَمْ يَرَهُ غَيْرُهُ، أَيَحْكُمُ لَهُ عَلَيْهِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ فَلِيَرْفَعْ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا لَمَّا سُئِلَ عَمَّا يَخْتَصِمُ النَّاسُ فِيهِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ الْقَضَاءِ فَيُقِرُّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ثُمَّ يَجْحَدُونَ وَلَا يَحْضُرُ ذَلِكَ أَحَدٌ إلَّا الْقَاضِي، أَتَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِمَا أَقَرُّوا بِهِ وَيَمْضِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: لَا، وَمَا أَقَرُّوا بِهِ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ غَيْرُهُ بِمَنْزِلَةِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ حُدُودِ النَّاسِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِي إقْرَارٍ بِحَقٍّ وَلَا حَدٍّ يَشْهَدُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ إلَّا بِشُهُودِ غَيْرِهِ، أَوْ بِشَاهِدٍ يَكُونُ مَعَهُ فَيَرْفَعُهُ إلَى مَنْ فَوْقَهُ. وَذَلِكَ أَنَّ نَاسًا ذَكَرُوا عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحُدُودِ وَالْإِقْرَارِ فَقَالُوا: يُنَفِّذُ الْإِقْرَارَ فِي وِلَايَتِهِ وَلَا يُنَفِّذُ مَا أُقِرَّ بِهِ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ أَوْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَسُئِلَ مَالِكٌ، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا وَاحِدًا.

[فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ أَوْ يَنْفِي الْوَلَدَ مِنْ أُمِّهِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ. كَمْ يُضْرَبُ؟ أَيُضْرَبُ حَدًّا وَاحِدًا أَوْ حَدَّيْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: حَدًّا وَاحِدًا.

أَرَأَيْت إنْ قَالَ: لَسْتَ لَفُلَانَةَ - لِأُمِّهِ - أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ.

قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي وَلَدِهَا مِنْهُ: لَمْ تَلِدِي هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي. وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: بَلْ قَدْ وَلَدْته؟ قَالَ: إنْ كَانَ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ وَلَدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ فِيهِ وَلَيْسَ بِقَاذِفٍ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: لَسْتَ لِأُمِّك. لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. قُلْت: وَلَا تَرَاهُ قَدْ قَطَعَ نَسَبَ ابْنِهِ هَذَا حِينَ قَالَ لَهُ: لَسْتَ لِأُمِّك؟

قَالَ: لَا، لَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ وَلَا قَطْعُ نَسَبٍ، وَلَوْ كَانَ هَذَا يَكُونُ فِي ابْنِهِ قَاطِعًا لِنَسَبِ ابْنِهِ كَانَ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ: لَسْتَ لِأُمِّك قَاطِعًا لِنَسَبِهِ مِنْ أَبِيهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْأَجْنَبِيِّ لَا يَكُونُ قَاطِعًا لِنَسَبِهِ مِنْ أَبِيهِ وَلَا قَاذِفًا لِأُمِّهِ إذَا قَالَ لَهُ: لَسْتَ لِأُمِّك، فَكَذَلِكَ الْأَبُ فِي وَلَدِهِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ لَمْ يُقِرَّ بِهِ قَطُّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحَبَلِ. فَلَمَّا وَلَدَتْهُ قَالَ: لَيْسَ هَذَا وَلَدَكِ وَلَمْ تَلِدِيهِ. وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: الْوَلَدُ وَلَدِي، وَلَدْته عَلَى فِرَاشِكَ؟ قَالَ: الْوَلَدُ وَلَدُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ مِنْهُ، لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، فَإِنْ نَفَاهُ الْتَعَنَ. وَإِنْ نَكَلَ عَنْ اللِّعَانِ كَانَ الْوَلَدُ وَلَدَهُ وَلَمْ يُجْلَدْ الْحَدَّ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْت لَك فِي الَّذِي قَالَ لِرَجُلٍ: لَسْت لِأُمِّك.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ أَمَتَهُ فَأَقَرَّ بِوَطْئِهَا، ثُمَّ إنَّهَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ. فَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا. لَمْ تَلِدِيهِ، وَلَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ وَلَدَك. وَقَالَتْ الْأَمَةُ: بَلَى، قَدْ وَلَدْته مِنْك وَهُوَ مِنْ وَطْئِكَ إيَّايَ وَأَنْتَ مُقِرٌّ لِي بِالْوَطْءِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَالْوَلَدُ لَازِمٌ لِلسَّيِّدِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>