لَا ثَوَابَ لَهُ فِيهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ طَلَبَ الْفَقِيرُ ثَوَابَهَا فَلَا أَرَى لَهُ فِيهَا ثَوَابًا وَلَا يُقْضَى لَهُ فِيهَا بِشَيْءٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَكَانَ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ عَلَى وَجْهِ الْإِثَابَةِ ابْتِغَاءَ الْعِوَضِ فَصَاحِبُهَا أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُعَوَّضْ مِنْهَا، فَأَمَّا الرَّجُلُ يَقْدَمُ مِنْ السَّفَرِ مُسْتَعْرِضًا، أَوْ الرَّجُلُ تَدْخُلُ عَلَيْهِ الْفَائِدَةُ وَهُوَ مُقِيمٌ لَمْ يَشْخَصْ، فَيَعْرِضُ صَاحِبُهُ الثَّوْبَ أَوْ الثَّوْبَيْنِ أَوْ يَحْمِلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ نَحْوَ هَذَا، فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ
[فِي الثَّوَابِ فِيمَا بَيْنَ ذَوِي الْقَرَابَةِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا]
قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ وَهَبَ لِذِي رَحِمٍ هِبَةً، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ ثَوَابٌ فِي الْهِبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ ثَوَابًا، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الْمُوسِرُ وَالْمَرْأَةُ لَهَا الْجَارِيَةُ الْفَارِهَةُ، فَيَطْلُبُهَا مِنْهَا فَتُعْطِيَهُ إيَّاهَا - تُرِيدُ بِذَلِكَ اسْتِقْرَارَ صِلَتِهِ وَعَطِيَّتِهِ - وَالرَّجُلُ مِثْلُ ذَلِكَ يَهَبُ الْهِبَةَ لِامْرَأَتِهِ، وَالِابْنُ لِأَبِيهِ يَرَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ اسْتِقْرَارَ مَا عِنْدَ أَبِيهِ، فَإِذَا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ وَجْهُ مَا طَلَبَ لِهِبَتِهِ تِلْكَ رَأَيْت بَيْنَهُمَا الثَّوَابَ، فَإِنْ أَثَابَهُ وَإِلَّا رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هِبَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُ مَا ذَكَرْت لَك فَلَا ثَوَابَ بَيْنَهُمْ، فَعَلَى هَذَا فَقِسْ مَا يَرِدُ عَلَيْك مِنْ هَذَا.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت لِعَمَّتِي أَوْ لِعَمِّي أَوْ لِجَدِّي أَوْ لِجَدَّتِي أَوْ أُخْتِي أَوْ ابْنِ عَمِّي هِبَةً، أَوْ وَهَبْت لِقَرَابَتِي مِمَّنْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مَحْرَمٌ، أَوْ لِقَرَابَتِي مِمَّنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مَحْرَمٌ، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرْجِعَ فِي هِبَتِي؟ قَالَ: أَمَّا مَا وَهَبْتَ مِنْ هِبَةٍ يُعْلَمُ أَنَّك إنَّمَا وَهَبْتهَا تُرِيدُ بِهَا وَجْهَ الثَّوَابِ، فَإِنْ أَثَابُوك وَإِلَّا رَجَعْت فِي هِبَتِك وَأَمَّا مَا وَهَبْت مِنْ هِبَةٍ يُعْلَمُ أَنَّك لَمْ تُرِدْ بِهَا وَجْهَ الثَّوَابِ فَلَا ثَوَابَ لَك مِثْلَ أَنْ تَكُونَ غَنِيًّا فَتَصِلُ بَعْضَ قَرَابَتِك فُقَرَاءَ، فَتَزْعُمُ أَنَّك أَرَدْت بِهَا الثَّوَابَ، فَهَذَا لَا تُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا ثَوَابَ لَك وَلَا رَجْعَةَ لَك فِي هِبَتِك.
قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ - فِيمَا كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى صَاحِبِهِ مِنْ عَطَاءٍ أَوْ صَدَقَةٍ بَتًّ - لَيْسَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ ثَوَابٌ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْتَجِعَ فِيمَا أَعْطَى صَاحِبَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّجُلِ إذَا أَعْطَى امْرَأَتَهُ حُسْنَ صُحْبَةٍ فِيمَا وَلَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَمْرِهَا وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهَا وَإِفْضَائِهِ مِنْ الْمَعْرُوفِ إلَيْهَا، وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى زَوْجِهَا مُوَاسَاةٌ وَمَعُونَةٌ لَهُ عَلَى صَنِيعَتِهِ وَصَنِيعَتِهَا، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا ثَوَابٌ فِيمَا أَعْطَاهُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَلَا عِوَضَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ شَرْطًا وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِثْلَهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: وَاللَّيْثُ مِثْلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute