ضَامِنٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا يُعْطِي النَّاسَ أَنْ تُشْتَرَى لَهُمْ السِّلْعَةُ عَلَى وَجْهِ السَّلَامَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ: السِّلْعَةُ بِعَيْنِهَا وَبِغَيْرِ عَيْنِهَا الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ لِلْآمِرِ وَالْآمِرُ الْمُقَدَّمُ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ عَنْ نَفْسِهِ وَالْآمِرُ بِالْخِيَارِ فِيمَا فَعَلَ الْمَأْمُورُ مِنْ الرَّدِّ إنْ شَاءَ أَجَازَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَهُ وَارْتَجَعَ السِّلْعَةَ إلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَأْمُورَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الرَّدِّ لِسِلْعَةٍ قَدْ وَجَبَتْ لِلْآمِرِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَرُدَّ الْوَكِيلُ هَذِهِ السِّلْعَةَ الَّتِي بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَمِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةً قَالَ: لَا.
قُلْتُ: فَلِأَيِّ شَيْءٍ جَعَلْتُهُ يَرُدُّ إذَا أَصَابَ عَيْبًا وَلَيْسَتْ لَهُ عُهْدَةٌ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ ضَامِنٌ إنْ اشْتَرَى عَيْبًا ظَاهِرًا فَلِهَذَا الْوَجْهِ جَعَلْتُهُ يَرُدُّ السِّلْعَةَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا يَبِيعُ لَهُ سِلْعَةً فَبَاعَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَلَا أَنْ يَضَعَ مَنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بَيْعِهِ فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ الْمُفْرَدِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَى الَّذِي يَشْتَرِي وَيَبِيعُ بِاجْتِهَادِهِ فَهَذَا الَّذِي يَكُونُ كُلُّ مَا صُنِعَ عَلَى النَّظَرِ مِنْ إقَالَةٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ ابْتِدَاءِ اشْتِرَاءِ عَيْبٍ جَائِزٌ عَلَى الْآمِرِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا فَعَلَ مُحَابَاةٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يُسْلِمُ لِي فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُّ أَخَذَ الْوَكِيلُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ مَنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ الْآمِرُ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَدْ فَسَّرْنَا مَا يُشْبِهُ هَذَا.
[وَكَّلَ رَجُلًا يَبْتَاعُ لَهُ سِلْعَةً وَالثَّمَنُ مِنْ عِنْدِ الْوَكِيلِ]
فِي رَجُلٍ وَكَّلَ رَجُلًا يَبْتَاعُ لَهُ سِلْعَةً وَالثَّمَنُ مِنْ عِنْدِ الْوَكِيلِ فَفَعَلَ وَأَمْسَكَ حَتَّى يَأْخُذَ لَهُ ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يَشْتَرِي لِي طَعَامًا مِنْ السُّوقِ أَوْ سِلْعَةً مِنْ السِّلَعِ وَأَمَرْته أَنْ يُنْقَدَهُ مِنْ عِنْدِهِ فَفَعَلَ ثُمَّ أَتَيْته لِأَقْبِضَ ذَلِكَ مِنْهُ فَمَنَعَنِي مِنْ ذَلِكَ حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ الَّذِي نَقَدَ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ لِلْمَأْمُونِ أَنْ يَمْنَعَهُ السِّلْعَةَ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقْرَضَهُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي اشْتَرَى لَهُ بِهَا السِّلْعَةَ وَلَمْ يَرْتَهِنْ شَيْئًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مَا اشْتَرَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute