للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلَ لِلْقَتْلِ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ وُلَاةُ الدَّمِ رَجُلَيْنِ فَنَكِلَ أَحَدُهُمَا فَلَا سَبِيلَ إلَى الدَّمِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ الْأَوْلَى وَاحِدٌ فَادَّعَى الدَّمَ عَمْدًا مَا يُصْنَعُ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إنْ حَلَفَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ وُلَاةِ الْمَقْتُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي الْعَدَدِ مِثْلَ هَذَا قَتَلُوا، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ وُلَاةِ الْمَقْتُولِ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَإِذَا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا بَطَلَ عَنْهُ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّمِ.

قُلْتُ: فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ، أَيَقْتُلُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: إذَا جَرَحَ الرَّجُلُ رَجُلًا عَمْدًا فَأَتَى الْمَجْرُوحُ بِشَاهِدٍ عَلَى جُرْحِهِ حَلَفَ وَاقْتَصَّ. فَإِنْ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ قِيلَ لِلْجَارِحِ: احْلِفْ وَابْرَأْ. فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ. وَكَذَلِكَ الْقَتْلُ عِنْدِي.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُتَّهَمِ فِي الدَّمِ إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ: إنَّهُ لَا يَبْرَأُ دُونَ أَنْ يَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَأَرَى أَنْ يُحْبَسَ حَتَّى يَحْلِفَ.

[الرَّجُلِ يُقِيمُ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى جُرْحِهِ عَمْدًا]

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُقِيمُ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى جُرْحِهِ عَمْدًا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى جُرْحِهِ عَمْدًا، وَأَرَادَ الْقِصَاصَ أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى جُرْحِهِ خَطَأً وَأَرَادَ الْعَقْلَ، كَمْ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، أَيَمِينًا وَاحِدَةً أَمْ خَمْسِينَ يَمِينًا؟

قَالَ: يَمِينًا وَاحِدَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ. وَإِنَّمَا تَكُونُ خَمْسِينَ يَمِينًا فِي النَّفْسِ، وَلَيْسَ فِي الْجِرَاحَاتِ خَمْسُونَ يَمِينًا عِنْدَ مَالِكٍ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الدَّمِ.

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْجِرَاحَاتِ قَسَامَةٌ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: لِمَ أَجَازَ مَالِكٌ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي جِرَاحَاتِ الْعَمْدِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، وَلَيْسَتْ الْجِرَاحَاتُ عَمْدًا بِمَالٍ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ لَا تَجُوزُ فِي الْفِرْيَةِ؟ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّمِ إذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَاحِدًا وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُقْسِمَ مَعَ شَاهِدِهِ؟

قُلْتُ: فَلِمَ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي جِرَاحَاتِ الْعَمْدِ وَمَا حُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ؟

قَالَ: كَلَّمْتُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ لَأَمْرٌ مَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ أَحَدٍ مِمَّنْ مَضَى، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ اسْتَحْسَنْتُهُ.

قُلْتُ: فَلِمَ قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّمِ فِي الْعَمْدِ: لَا يُقْسِمُ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ، وَلَا أَرَاهُ أَخَذَهُ إلَّا مِنْ قِبَلِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ.

[الرَّجُلِ يُقْتَلُ وَلَهُ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا كَبِيرٌ وَالْآخَرُ صَغِيرٌ]

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ وَلَهُ وَلِيَّانِ: أَحَدُهُمَا كَبِيرٌ وَالْآخَرُ صَغِيرٌ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِهَذَا الْمَقْتُولِ وَلِيُّ رَجُلٌ كَبِيرٌ وَلَهُ وَلِيٌّ آخَرُ صَبِيٌّ صَغِيرٌ، فَأَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْلِفَ وَقَالَ: أَنَا أَحْلِفُ وَأَنْتَظِرُ حَتَّى يَكْبَرَ الصَّبِيُّ فَيَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ الدَّمَ جَمِيعًا؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الَّذِي يُقْتَلُ وَلَهُ وَلَدٌ صِغَارٌ، كَيْفَ تَرَى فِي أَمَرَهُ، أَيُنْتَظَرُ بِالْقَاتِلِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>