للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرَّجُلِ يُعْتِقُ نِصْفَ مُكَاتَبِهِ]

فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ نِصْفَ مُكَاتَبِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ مِنْهُ بَعْدَمَا كَاتَبَهُ شِقْصًا مِنْهُ أَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا هَهُنَا إنَّمَا عِتْقُهُ وَضْعُ مَالٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَ ذَلِكَ الشِّقْصَ مِنْهُ فِي وَصِيَّتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ عِتْقٌ لِلْمُكَاتَبِ إنْ عَجَزَ إنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثَ، قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَ مَالِكٌ عِتْقَهُ فِي الْوَصِيَّةِ عِتْقًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي غَيْرِ الْوَصِيَّةِ عِتْقًا؟ أَرَأَيْتَ إذَا هُوَ عَجَزَ وَقَدْ كَانَ عِتْقُهُ فِي غَيْرِ وَصِيَّةٍ أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ مُعْتَقِ شِقْصِهِ؟

قَالَ: لَا، وَلَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي يُعْتِقُ شِقْصًا مِنْ مُكَاتِبِهِ فِي غَيْرِ وَصِيَّةٍ يَكُونُ عِتْقًا لِلْمُكَاتَبِ إذَا عَجَزَ لَكَانَ لَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ عَجَزَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ لَقُوِّمَ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ، فَهَذَا إنْ عَجَزَ وَرَجَعَ رَقِيقًا كَانَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ وَلَيْسَ عِتْقُهُ ذَلِكَ عِتْقًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَهُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ.

وَاَلَّذِي كَانَ يَمْلِكُ مِنْهُ إنَّمَا كَانَ يَمْلِكُ مَالًا كَانَ عَلَيْهِ، فَإِنَّمَا عِتْقُهُ وَضْعُ مَالٍ؛ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ مُكَاتَبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ وَلَهُ مَالٌ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: يَأْخُذُ الَّذِي تَمَسَّكَ بِالْكِتَابَةِ بَقِيَّةَ كِتَابَتِهِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عِتْقًا لَكَانَ مِيرَاثُهُ كُلُّهُ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ، فَهَذَا يَدُلُّكَ فِي قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَتَاقَةٍ مِنْ الَّذِي أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَضْعُ مَالٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ مُكَاتَبًا هَلَكَ سَيِّدُهُ فَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ رَقِيقًا كُلُّهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: عِتْقُ هَذَا هَاهُنَا إنَّمَا هُوَ وَضْعُ مَالٍ، قَالَ وَاَلَّذِي أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مُكَاتَبِهِ فِي مَرَضِهِ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ فِي وَصِيَّتِهِ إذَا حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ أُدْخِلَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ وَهِيَ وَصِيَّةٌ لِلْعَبْدِ فَكُلُّ مَا أُدْخِلَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ فَهِيَ حُرِّيَّةٌ لَا تُرَدُّ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُكَاتَبًا كَانَ لِي جَمِيعُهُ فَأَعْتَقْتُ نِصْفَهُ أَيَكُونُ هَذَا وَضْعًا أَوْ عِتْقًا؟

قَالَ: هَذَا وَضْعٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ عِتْقًا السَّاعَةَ، وَلَا إنْ عَجَزَ عَمَّا بَقِيَ، وَلَكِنَّهُ وَضْعٌ يُوضَعُ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ نِصْفُهُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يُعْتِقُ نِصْفَ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ يَعْجَزُ الْمُكَاتَبُ عَمَّا بَقِيَ: إنَّهُ رَقِيقٌ كُلُّهُ، قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الَّذِي أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ مَعَ غَيْرِهِ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ: إنَّمَا رَدَّ مَالِكٌ عِتْقَ الَّذِي أَعْتَقَ السَّيِّدُ كُلَّهُ وَمَعَهُ غَيْرُهُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِيهِ: لَا يَجُوزُ عِتْقُ السَّيِّدِ إيَّاهُ دُونَ مُؤَامَرَةِ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ رَضِيَ أَصْحَابُهُ بِعِتْقِ السَّيِّدِ إيَّاهُ عَتَقَ، وَقَوْلُ مَالِكٍ: إنْ كَانَ أَصْحَابُهُ يَقْوَوْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>