قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت رَجُلًا يَحْفِرُ لِي بِئْرًا فِي مَوْضِعٍ مَنْ الْمَوَاضِعِ أَوْ بِئْرًا عُمْقُهَا فِي الْأَرْضِ عَشْرُ قَامَاتٍ وَوَجْهُ الْأَرْضِ تُرَابٌ لِينٌ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا حَفَرَ قَامَةً وَقَعَ عَلَى حَجَرٍ شَدِيدٍ أَوْ تُرْبَةٍ شَدِيدَةٍ؟ قَالَ: إنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَرْضٍ قَدْ عَرَفُوهَا وَاخْتَبَرُوهَا فَلَا بَأْسَ بِالْإِجَارَةِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْتَبِرُوهَا فَلَا خَيْرَ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ فِيهَا وَهَكَذَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ حَفْرِ قَفْرِ النَّخْلِ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا الرَّجُلَ يَحْفِرُهَا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءَ؟ قَالَ: إنْ كَانَ قَدْ عُرِّفَتْ الْأَرْضُ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفُوهَا فَلَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ اللَّيْثُ: وَكَتَبْتُ إلَى رَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ أَسْأَلْهُمَا عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يَحْفِرُ لَهُ بِئْرًا فَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُلُّ مَنْ أَدْرَكْنَا يَقُولُ: حَتَّى يَخْرُجَ الْمَاءُ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ: إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَقَارِبَةً لَيْسَ بَعْضُهَا يُخْرِجُ الْمَاءَ مِنْهَا قَبْلَ بَعْضٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ بَعْضِهَا قَبْلَ بَعْضٍ فَمُذَارَعَةٌ أَحَبُّ إلَيَّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت حَفَّارًا يَحْفِرُ لِي قَبْرًا عَلَى مَنْ يَكُونُ حَثَيَانُ التُّرَابِ فِي الْقَبْرِ؟ قَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى مَا يَتَعَامَلُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ تِلْكَ يَحْمِلُونَ عَلَى ذَلِكَ؟
قَالَ: وَهَذَا رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَمَرْتُهُ يَحْفِرُ لِي قَبْرًا فَحَفَرَهُ فَشَقَّ فِيهِ فَقُلْتُ لَهُ: إنَّمَا أَرَدْت اللَّحْدَ وَلَمْ أُرِدْ الشَّقَّ. قَالَ: يُنْظَرُ أَيْضًا إلَى عَمَلِ النَّاسِ عِنْدَهُمْ كَيْفَ هُوَ فَيُحْمَلُونَ عَلَى ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت أَجِيرَيْنِ يَحْفِرَانِ لِي بِئْرًا بِكَذَا وَكَذَا فَمَرِضَ أَحَدُهُمَا وَحَفَرَهَا الْآخَرُ؟ قَالَ: يَكُونُ الْأَجْرُ لَهُمَا جَمِيعًا لِلَّذِي مَرِضَ وَلِصَاحِبِهِ وَيُقَالُ لِلْمَرِيضِ: أَرْضِهِ مِنْ حَقِّكَ فَإِنْ أَرْضَاهُ مِنْ حَقِّهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَيَكُونُ الْحَافِرُ مُتَطَوِّعًا.
[الْقَضَاءُ فِي تَقْدِيمِ الْإِجَارَةِ وَتَأْخِيرِهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْخَيَّاطِينَ وَالْعُمَّالَ بِأَيْدِيهِمْ فِي الْأَسْوَاقِ إذَا دُفِعَ إلَى أَحَدِهِمْ الْعَمَلُ لِيَعْمَلَهُ بِأَجْرٍ وَلَمْ يَشْتَرِطَا بَيْنَهُمَا نَقْدًا وَلَا غَيْرَ نَقْدٍ فَقَالَ الْعَامِلُ: عَجِّلْ لِي إجَارَةَ عَمَلِي، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْعَمَلُ: لَا أَدْفَعُ إلَيْك حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ عَمَلِي؟ قَالَ: يُحْمَلَانِ عَلَى أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَهُمْ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ غَيْرُ مَعْرُوفٍ لَمْ يُجْبَرْ رَبُّ الْعَمَلِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ عَمَلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute