للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٌ: وَقَدْ نَزَلَ هَذَا بِبَلَدِنَا وَقُضِيَ بِهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا قَوْمٌ يَشْهَدُونَ عَلَى السَّمَاعِ، فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالْمَالِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَلَا يَجُرُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءَ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى السَّمَاعِ، أَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، أَوْ أَرَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى السَّمَاعِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ مِنْ الْمَالِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى السَّمَاعِ إنَّمَا هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ، فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ.

[الشَّاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى الْوَلَاءِ وَلَا يَشْهَدَانِ عَلَى الْعِتْقِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ رَجُلٌ فَشَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى هَذَا الرَّجُلِ، لَا يَعْلَمَانِ لِلْمَيِّتِ وَارِثًا غَيْرَ مَوْلَاهُ هَذَا، وَلَا يَشْهَدَانِ عَلَى عِتْقِهِ إيَّاهُ؟

قَالَ: لَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَلَاءِ، حَتَّى يَشْهَدَا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَعْتَقَ الْمَيِّتَ، أَوْ يَشْهَدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَبَا هَذَا الْمَيِّتِ، وَأَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ لِلْمَيِّتِ وَارِثًا غَيْرَ هَذَا، أَوْ يَشْهَدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا مَوْلَاهُ، أَوْ يَشْهَدَا عَلَى شَهَادَةِ آخَرَ أَنَّ هَذَا مَوْلَاهُ. فَأَمَّا أَنْ يَقُولَا هُوَ مَوْلَاهُ وَلَا يَشْهَدَا عَلَى عِتْقِهِ إيَّاهُ وَلَا عَلَى إقْرَارِهِ وَلَا عَلَى شَهَادَةِ أَحَدٍ، فَلَا أَرَى ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ.

[شَهَادَةِ ابْنَيْ الْعَمِّ لِابْنِ عَمِّهِمَا فِي الْوَلَاءِ]

فِي شَهَادَةِ ابْنَيْ الْعَمِّ لِابْنِ عَمِّهِمَا فِي الْوَلَاءِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ بَنُو أَعْمَامِي عَلَى رَجُلٍ مَاتَ، أَنَّهُ مَوْلَى أَبِي وَأَنَّ أَبِي أَعْتَقَهُ؟

قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ ابْنَيْ عَمٍّ شَهِدَا عَلَى عِتْقٍ لِابْنِ عَمِّهِمَا، قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَا مِمَّنْ يُتَّهَمَانِ عَلَى قَرَابَتِهِمَا أَنْ يَجُرَّا بِذَلِكَ الْوَلَاءَ، فَلَا أَرَى ذَلِكَ يَجُوزُ. وَإِنْ كَانَا مِنْ الْأَبَاعِدِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمَانِ أَنْ يَجُرَّا بِذَلِكَ وَلَاءَ مَوَالِيهِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا يَوْمًا مَا، وَلَا يُتَّهَمَانِ عَلَيْهِ الْيَوْمَ.

قَالَ مَالِكٌ: فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَفِي مَسْأَلَتِكَ، إنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ مَالٌ يَرِثُهُ وَقَدْ مَاتَ مَوْلَاهُ وَلَا وَلَدَ لِمَوْلَاهُ وَلَا مَوَالِيَ، فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجُرَّانِ بِشَهَادَتِهِمَا إلَى أَنْفُسِهِمَا شَيْئًا يُتَّهَمَانِ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ لِلْمَوْلَى الْمَيِّتِ وَلَدٌ وَمَوَالٍ، يَجُرُّونَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ بِذَلِكَ إلَى أَنْفُسِهِمْ شَيْئًا يُتَّهَمُونَ عَلَيْهِ لِقُعُودِهِمْ لِمَنْ يَشْهَدُوا لَهُ، لَمْ أَرَ شَهَادَتَهُمَا تَجُوزُ فِي الْوَلَاءِ.

[شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي الْأَحْبَاسِ وَالْمَوَارِيثِ]

فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي الْأَحْبَاسِ وَالْمَوَارِيثِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى السَّمَاعِ، شَهِدَ أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَانٍ، لَا يَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، أَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ لَا يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى السَّمَاعِ، وَلَا يَسْتَحِقَّ بِهِ مِنْ الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>