للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ أَوْلِيَاءُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ - أَيَكُونُ لِلْكِبَارِ أَنْ يَقْتُلُوا وَلَا يَنْتَظِرُوا الصِّغَارَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا كُلُّهُمْ وَبَعْضُهُمْ غَائِبٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْتُلُونَ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ، فَإِنْ عَفَا الْحُضُورُ قَبْلَ قُدُومِ الْغُيَّبِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْغُيَّبِ وَأَخَذُوا حُظُوظَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ.

قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْغُيَّبِ الْكِبَارِ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْغُيَّبَ قَدْ بَلَغُوا رِجَالًا وَوَجَبَ هَذَا الدَّمُ لِمَنْ يَجُوزُ عَفْوُهُ فِيهِ يَوْمَ قُتِلَ وَالْغَائِبُ يُكْتَبُ إلَيْهِ، فَيَصْنَعُ فِي نَصِيبِهِ مَا أَحَبَّ وَالصَّغِيرُ يُنْتَظَرُ بِهِ زَمَانًا طَوِيلًا فَتَبْطُلُ الدِّمَاءُ.

[الرَّجُلِ يُقْتَلُ وَلَهُ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ وَالْآخَرُ مَجْنُونٌ]

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ وَلَهُ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ وَالْآخَرُ مَجْنُونٌ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُتِلَ رَجُلٌ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ، أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ وَالْآخَرُ مَجْنُونٌ، أَيَكُونُ لِهَذَا الصَّحِيحِ أَنْ يَقْتَصَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي إذَا كَانَ جُنُونًا مُطْبَقًا. وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ، لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَلَا يَنْتَظِرَ بِالْقَتْلِ بُلُوغَ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ فِي أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ صَغِيرٌ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَوْ انْتَظَرْنَا فَبَلَغَ مَجْنُونًا، كَانَ يَنْبَغِي فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ، أَنْ يَقُولَ إنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ مَجْنُونًا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْقَاتِلِ حَتَّى يَبْرَأَ هَذَا الْمَجْنُونُ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرِ، فَيَبْطُلُ الدَّمُ بَلْ الْمَجْنُونُ أَبْيَنُ مِنْ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ يَكْبَرُ وَالْمَجْنُونَ لَا يَكَادُ يُفِيقُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ فِي وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ كَبِيرٌ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ، مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟ قَالَ: الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَاَلَّذِي أَرَى أَنَّهُ يُنْتَظَرُ بُرْؤُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ جُنَّ يَوْمًا فَهَذَى أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمَهُ ذَلِكَ، أَكُنْتَ تَعْجَلُ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ؟ قَالَ: لَا أَعْجَلُ بِهِ، وَلَكِنْ أَنْتَظِرُ بِهِ حَتَّى يَصِحَّ فَيَعْفُو أَوْ يَقْتُلُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ يَتِيمًا فِي حِجْرِ وَصِيٍّ لَهُ جَرَحَهُ رَجُلٌ أَوْ قَتَلَهُ، أَيَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ مِنْ الْجَارِحِ لَهُ أَوْ الْقَاتِلِ؟ قَالَ: أَمَّا فِي الْجِرَاحِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ لِلْيَتِيمِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ إذَا قُتِلَ وَالِدُ الْيَتِيمِ أَوْ أَخُوهُ - وَكَانَ الْيَتِيمُ وَارِثَ الدَّمِ - إنَّ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ، فَالْوَصِيُّ عِنْدِي بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ أَوْ أَقْرَبَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا فِي الْقَتْلِ فَوُلَاةُ دَمِ الْيَتِيمِ عِنْدِي أَحَقُّ مِنْ الْوَصِيِّ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ هَاهُنَا شَيْءٌ. قَالَ: وَمَا سَمِعْتُ هَذَا مِنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا جُرِحَ الْيَتِيمُ عَمْدًا، أَيَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُصَالِحَ الْجَارِحَ عَلَى مَالٍ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الصَّغِيرِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُجْرَحُ ابْنُهُ فَيُرِيدُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ جَارِحِ ابْنِهِ.

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لِلْأَبِ إلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ مِنْ مَالِهِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْفُوَ إلَّا عَلَى مَالٍ وَعَلَى وَجْهِ النَّظَرِ.

قُلْتُ: الْعَمْدُ فِي هَذَا أَوْ الْخَطَأُ سَوَاءٌ؟

قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنَّ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يُصَالِحَا فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَلَا يَأْخُذَا أَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ سِلْعَةً لِابْنِهِ بِثَمَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>