للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْلِفُ الَّذِي يَدَّعِي قِبَلَهُ؟ وَاَلَّذِي يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ مَعَ شَاهِدِهِ، أَيْنَ يَسْتَحْلِفُهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ شَيْءٍ لَهُ بَالٌ فَإِنَّهُمَا يُسْتَحْلَفَانِ فِيهِ هَذَانِ جَمِيعًا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ. فَقِيلَ لِمَالِكٍ: أَعِنْدَ الْمِنْبَرِ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا أَعْرِفُ الْمِنْبَرَ إلَّا مِنْبَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا مَسَاجِدُ الْآفَاقِ فَلَا أَعْرِفُ الْمِنْبَرَ فِيهَا، وَلَكِنَّ لِلْمَسَاجِدِ مَوَاضِعَ هِيَ أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ، فَأَرَى أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ. قَالَ مَالِكٌ: وَعِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، إلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحَالِفَ هَلْ يُسْتَقْبَلُ بِهِ الْقِبْلَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ.

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: الِاسْتِحْلَافُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ لَمْ يَزَلْ يُعْمَلُ بِهِ مُنْذُ بَدَا الْإِسْلَامُ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» .

قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ أَنْ يُجْلَبَ إلَيْهِ إلَى الْمَوْسِمِ الَّذِي قَالَ لِامْرَأَتِهِ: حَبْلُكَ عَلَى غَارِبِكَ. فَكُلُّ عَظِيمٍ مِنْ الْأَمْرِ يُحْلَفُ فِي أَعْظَمِ الْمُوَاضِعِ. وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ، فَرَتَّبَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ الْيَمِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاتَّقَاهَا فَافْتَدَى مِنْهَا وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يُوَافِقَ قَدَرًا وَبَلَاءً فَيُقَالُ: بِيَمِينِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ اتَّقَاهَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، حِينَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَجَعَلَ يَحْلِفُ مَكَانَهُ. سَحْنُونٌ: وَلَوْ أَنَّ زَيْدًا كَانَ الْحَلْفُ عِنْدَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنْ الْبَاطِلِ لَقَالَهَا لِمَرْوَانَ.

قَالَ مَالِكٌ: أَتَرَى أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ: أَتُحِلُّ بَيْعَ الرِّبَا يَا مَرْوَانُ؟ فَقَالَ مَرْوَانُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ.

قَالَ: فَالنَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الصِّكَاكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضُوهَا فَبَعَثَ مَرْوَانُ حَرَسًا يَرُدُّونَهَا؟ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْيَمِينُ عَلَى زَيْدٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ مَرْوَانُ، لَقَالَ لَهُ مَا هَذَا عَلَيَّ، وَقَدْ قَالَ لَهُ أَشَدَّ مِنْ هَذَا. وَلَقَدْ اجْتَبَذَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ بِرِدَائِهِ فِي صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدِ، وَلَقَدْ قِيلَ لَهُ وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ سَارِقًا فِي ثَمَرٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَالَ لَهُ كَبِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا أَكْثَرَ» . فَخَلَّى عَنْ السَّارِقِ، فَمَا كَانُوا لِيَتْرُكُوا حَقًّا يَحْضُرُونَهُ إلَّا قَالُوا بِهِ؟ أَوَلَا تَرَى أَنَّ الْعَظِيمَ مِنْ الْأَمْرِ مِثْلَ اللِّعَانِ أَنَّهُ يَكُونُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ وَشُهْرَةِ الْيَمِينِ؟ أَوَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَرَ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ بِالطَّائِفِ، أَنْ يَحْبِسَ الْجَارِيَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَقْرَأُ عَلَيْهَا {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: ٧٧] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ فَفَعَلَ فَاعْتَرَفَتْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ؟

[فِي اسْتِحْلَافِ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ فِي الْمَسْجِدِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَوَاتِقَ مِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرَ الْعَوَاتِقِ، وَالْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْمُكَاتَبِينَ وَالْمُدَبَّرِينَ، أَيَحْلِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ؟

قَالَ: إنَّمَا سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ النِّسَاءِ أَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>