للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي يَأْخُذُ عَمَّا فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ نَاضِّهِمْ فَيَأْخُذُ زَكَاتَهُ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ؟ فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَأَرَى إنْ كَانَ الْوَالِي عَدْلًا أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قُلْتُ: أَفَيَسْأَلُ عَنْ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ النَّاضِّ إذَا لَمْ يَتَّجِرُوا؟ فَقَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ كَانَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إذَا أَعْطَاهُ عَطَاءً: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ أَخَذَ مِنْ عَطَائِهِ زَكَاةَ ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِنْ قَالَ " لَا " أَسْلَمَ إلَيْهِ عَطَاءَهُ وَلَا أَرَى أَنْ يَبْعَثَ فِي ذَلِكَ أَحَدًا، وَإِنَّمَا إلَى أَمَانَةِ النَّاسِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ.

قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ أَيْنَ يُنْصَبُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْعُشُورَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالزَّكَاةِ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ فِيمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَنَّهُ لَا يُعْجِبُهُ أَنْ يُنْصَبَ لِهَذِهِ الْمُكُوسِ أَحَدٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ بَنِي الْقَارَةِ حَلِيفٍ لِبَنِي زُهْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى عَامِلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَضَعَ الْمَكْسَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْمَكْسِ وَلَكِنَّهُ الْبَخْسُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [الشعراء: ١٨٣] وَمَنْ أَتَاكَ بِصَدَقَةٍ فَاقْبَلْهَا مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يَأْتِكَ بِهَا فَاَللَّهُ حَسِيبُهُ، وَالسَّلَامُ قُلْتُ: أَلَيْسَ إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنْ تَجَرُوا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَهُمْ خِلَافُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي هَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَمَنْ تَجَرَ وَمَنْ لَمْ يَتْجُرْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ مِنْ مِصْرَ بِتِجَارَةٍ إلَى الْمَدِينَةِ، أَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ مَا فِي يَدَيْهِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ؟ فَقَالَ: لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ إذَا بَاعَ أَدَّى الزَّكَاةَ.

قَالَ: وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا، فَإِذَا بَاعُوا أَخَذَ مِنْهُمْ الْعُشْرَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدِمَ بِتِجَارَةٍ، فَقَالَ هَذَا الَّذِي مَعِي مُضَارَبَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ أَوْ عَلَيَّ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَحُلْ عَلَى مَا عِنْدِي الْحَوْلُ أَيُصَدَّقُ وَلَا يُحَلَّفُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، يُصَدَّقُ وَلَا يُحَلَّفُ.

[تَعْشِيرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ إذَا اتَّجَرَ فِي بَلْدَةٍ مِنْ أَعْلَاهَا إلَى أَسْفَلِهَا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بِلَادِهِ إلَى غَيْرِهَا؟ فَقَالَ: لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كُرُومِهِمْ وَلَا مِنْ زُرُوعِهِمْ وَلَا مِنْ مَاشِيَتِهِمْ وَلَا مِنْ نَخْلِهِمْ شَيْءٌ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى غَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ تَاجِرًا لَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِمَّا حَمَلَ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ حَتَّى يَبِيعَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ مَتَاعَهُ إلَى بِلَادٍ أَوْ يَرْتَحِلَ بِهِ إلَى بِلَادٍ أُخْرَى فَذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا إذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ بِحَالِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>