بِالْجِنَايَةِ - وَكَانَ لَهُ مَالٌ - غَرِمَ قِيمَةَ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُسْلِمَتْ إلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ وَكَانَ الْوَلَدُ وَلَدَهُ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ رَأَيْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ وَيُتْبَعَ بِقِيمَتِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ أَقَلَّ فَيُتْبَعَ بِذَلِكَ دَيْنًا. وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ، وَتَرَكَ جَارِيَةً وَتَرَكَ ابْنًا، فَوَطِئَ الِابْنُ الْجَارِيَةَ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، إنَّهُ كَانَ عَلِمَ بِدَيْنِ أَبِيهِ وَبَادَرَ الْغُرَمَاءَ، رَأَيْتُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُسْلِمَتْ إلَى الْغُرَمَاءِ فَبَاعُوهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِدَيْنِ أَبِيهِ رَأَيْتُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلِابْنِ، وَرَأَيْتُ أَنْ يُتْبَعَ بِقِيمَتِهَا، فَهَذَا مِثْلُ مَسْأَلَتِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، مَتَى تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا إذَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا؟
قَالَ: يَوْمَ حَمَلَتْ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ الْجَارِيَةُ إذَا جَنَتْ فَكَانَتْ مُرْتَهِنَةً بِجِنَايَتِهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَتِهَا، كَالْجَارِيَةِ الَّتِي هَلَكَ سَيِّدُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، إذَا وَطِئَهَا السَّيِّدُ وَالْجِنَايَةُ فِي رَقَبَتِهَا وَلَا عِلْمَ لَهُ وَلَا مَالَ لَهُ، إنَّ الْجِنَايَةَ أَمْلَكُ بِهَا وَتُسَلَّمُ إلَى الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَوْ بِيعَتْ - وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْجِنَايَةِ - فَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَوْتًا يُبْطِلُ بِذَلِكَ حَقَّ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَنَّ الْوَرَثَةَ بَاعُوا وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِأَنَّ عَلَى أَبِيهِمْ دَيْنًا يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ، فَفَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعِتْقٍ أَوْ بِاِتِّخَاذِهَا أُمَّ وَلَدٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إلَى رَدِّ الْعِتْقِ سَبِيلٌ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الثَّمَنُ إنْ وَجَدُوهُ وَإِلَّا اتَّبَعُوا بِهِ مَنْ أَخَذَهُ.
[الْقِصَاصِ فِي جِرَاحِ الْعَبْدِ]
فِي الْقِصَاصِ فِي جِرَاحِ الْعَبْدِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْقِصَاصِ فِي الْمَمَالِيكِ بَيْنَهُمْ كَهَيْئَتِهِ فِي الْأَحْرَارِ، نَفْسُ الْأَمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ. قَالَ: وَإِقَادَةُ الْعَبِيدِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ، إنْ شَاءَ اسْتَقَادَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مَمْلُوكَيْنِ قَتَلَا مَمْلُوكًا عَمْدًا فَأَرَادَ وَلِيُّ الْمَمْلُوكِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُمَا وَلَا يَقْتُلَهُمَا ابْنُ وَهْبٍ؟ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إنْ قَتَلَهُمَا قَوَدًا خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَتْلِهِمَا، وَإِنْ أَرَادَ اسْتِرْقَاقَهُمَا وَاسْتِحْيَاءَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ فِيهِمَا إلَّا ثَمَنُ مَا أَصَابَاهُ. ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ اللَّيْثِ قَالَ: كَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ فِي مِائَةِ عَبْدٍ لِرَجُلٍ وَقَعُوا عَلَى رَجُلٍ آخَرَ فَقَتَلُوهُ جَمِيعًا، فَمِنْهُمْ الْبَاطِشُ وَمِنْهُمْ الْآمِرُ، وَقَدْ قَامَتْ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ، فَدَفَعُوهُمْ إلَيْهِ لِيَقْتُلَهُمْ فَأَرَادَ اسْتِحْيَاءَهُمْ وَاسْتِرْقَاقَهُمْ قَالَ رَبِيعَةُ: إنْ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْيِيَهُمْ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الدِّيَةُ يَسْتَوْفِيهَا مِنْهُمْ فَقَطْ، وَإِنْ أَرَادَ قَتَلَهُمْ فَلَهُ دِمَاؤُهُمْ بِمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ قَتْلِ صَاحِبِهِمْ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّمَ يُعَلَّقُ بِهِ مَنْ أَصَابَهُ، وَأَنَّ الدِّيَةَ لَا يُعَلَّقُ بِهَا الْمَالُ كُلُّهُ، وَلَا يَكُونُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي دَمِ صَاحِبِهِ إلَّا الْعَفْوُ إلَّا دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ مُسَمَّاةٌ.
حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ شِمْرِ بْنِ نُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إذَا جَنَى الْعَبْدُ فَلَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ غُرْمٌ فَوْقَ رَقَبَتِهِ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْتَدِيَهُ افْتَدَاهُ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute