غَابَ عَلَيْهِ لَمْ يَصَدَّقْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَبَضَهُ نَاقِصًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ قَدْ وَفَّاهُ جَمِيعَ مَا سَمَّى لَهُ مِنْ الْكَيْلِ إنْ كَانَ كَالَهُ هُوَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا جَاءَهُ بِالطَّعَامِ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ بِكَيْلِهِ فَبَاعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْكَيْلِ أُحْلِفَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا قِيلَ لَهُ مِنْ كَيْلِهِ حِينَ جَاءَهُ أَوْ كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَحَلَفَ وَأَخَذَ النُّقْصَانَ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ فَلَا حَقَّ لَهُ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ لِي عَلَى رَجُلٍ مُدْيًا مَنْ قَمْحٍ مِنْ سَلَمٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قُلْت لَهُ: كِلْهُ لِي فِي غَرَائِرِكَ أَوْ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ بَيْتِكَ أَوْ دَفَعْت إلَيْهِ غَرَائِرِي فَقُلْتُ لَهُ: كِلْهُ لِي فِي هَذِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ ثُمَّ ضَاعَ الطَّعَامُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيَّ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَمَّا أَنَا فَأَرَى إذَا كَانَ قَدْ اكْتَالَهُ بِبَيِّنَةٍ فَضَاعَ بَعْدَمَا اكْتَالَهُ كَمَا أَمَرَهُ بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ كَالَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلطَّعَامِ كَمَا هُوَ وَلَا يَصَدَّقُ إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ، فَإِنْ صَدَّقْتَهُ أَنَّهُ قَدْ كَالَهُ وَقَالَ هُوَ: قَدْ ضَاعَ وَكَذَّبْتَهُ أَنْتَ فِي الضَّيَاعِ، فَالْقَوْلُ فِي الضَّيَاعِ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّك لِمَا صَدَّقْته أَنَّهُ قَدْ كَالَهُ كَمَا أَمَرْتَهُ فَقَدْ صِرْت قَابِضًا لِمَا قَدْ كَالَهُ لَك، فَإِنْ ضَاعَ فَلَا شَيْءَ لَك عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَاعَ بَعْدَ قَبْضِكَ.
قُلْت: أَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
[يُسْلِفُ بِبَلَدٍ وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَقْضِيَ بِآخَرَ]
فِي الرَّجُلِ يُسْلِفُ بِبَلَدٍ وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَقْضِيَ بِآخَرَ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ وَشَرَطْت عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَنِي ذَلِكَ بِبَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ: لِي خُذْ الطَّعَامَ مِنِّي بِبَلَدٍ أُخْرَى وَخُذْ مِنِّي الْكِرَاءَ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي شَرَطْت لَك أَنْ أَقْضِيَكَهُ فِيهِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبُلْدَانَ بِمَنْزِلَةِ الْآجَالِ، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَدَّمَ الطَّعَامَ الَّذِي عَلَيْهِ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ إذَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، وَالْآجَالُ وَالْبُلْدَانُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ يَدْفَعُهُ إلَيَّ بِالْفُسْطَاطِ فَقَالَ: خُذْهُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَخُذْ الْكِرَاءَ فَفَعَلْت فَاسْتَهْلَكْت الطَّعَامَ وَالْكِرَاءَ كَيْفَ يُصْنَعُ بِمَا اسْتَهْلَكْت؟ .
قَالَ: تَرُدُّ مِثْلَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِثْلَ الطَّعَامِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَتَرُدُّ الْكِرَاءَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَأْخُذُ طَعَامَك الَّذِي أَسْلَمْت فِيهِ حَيْثُ شَرَطْت، وَقَدْ فَسَّرْت لَك لِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ فِي مِائَةِ إرْدَبِّ قَمْحٍ إلَى رَجُلٍ يُوَفِّيهَا إيَّاهُ بِالْفُسْطَاطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute