للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَمَّا ابْنُهُ فَإِنَّ مَالِكًا كَانَ يَسْتَثْقِلُ أَنْ يَحُدَّهُ فِيهِ وَيَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْبِرِّ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَقَامَ عَلَى حَقِّهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَعَفْوُهُ عَنْهُ جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ. قَالَ: وَأَمَّا وَلَدُ وَلَدِهِ، فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ، وَأَرَى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ وَلَدِهِ

قُلْت: أَرَأَيْت الْأَبَ، أَيُقْتَصُّ مِنْهُ لِوَلَدِهِ أَوْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَقْتُلُ ابْنَهُ أَيُقْتَلُ بِهِ؟ قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِالْعَصَا أَوْ يَرْمِيَهُ بِالْحِجَارَةِ أَوْ يَحْذِفَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالسِّكِّينِ فَيَمُوتَ مِنْهُ، فَيَكُونُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ الْقِصَاصُ، فَإِنِّي لَا أَرَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الْأَبِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا إلَّا أَنْ يَعْمِدَ الْأَبُ لِقَتْلِ ابْنِهِ، مِثْلَ أَنْ يُضْجِعَهُ فَيَذْبَحَهُ ذَبْحًا أَوْ يَشُقَّ جَوْفَهُ، فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الْقَتْلَ بِعَيْنِهِ عَامِدًا لَهُ، فَهَذَا يُقْتَلُ بِابْنِهِ إذَا كَانَ هَكَذَا. وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ هَذَا مِمَّا وَصَفْتُ لَك، مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ غَيْرُ الْأَبِ بِهِ كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ أَوْ الْقَتْلُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْ الْأَبِ وَعَلَيْهِ فِيهِ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ، وَأَرَى الْجِرَاحَ بِمَنْزِلَةِ الْقَتْلِ مَا كَانَ مِنْ رَمْيَةٍ أَوْ ضَرْبَةٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَبِ فِيهِ، وَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ فِيهِ الدِّيَةُ مِثْلَ النَّفْسِ. وَمَا كَانَ مِمَّا تَعَمَّدَهُ مِثْلَ أَنْ يُضْجِعَهُ فَيُدْخِلَ إصْبَعَهُ فِي عَيْنِهِ أَوْ يَأْخُذَ سِكِّينًا فَيَقْطَعَ أُذُنَهُ أَوْ يَدَهُ، فَأَرَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي النَّفْسِ وَالْجَدِّ فِي وَلَدِ وَلَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ فِي وَلَدِهِ. وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِي الْجَدِّ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِابْنِهِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ. فَقَامَ بِحَدِّ أُمِّهِ، أَيُحَدُّ لَهُ الْأَبُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ يُحَدُّ لَهُ، لِأَنَّ الْحَدَّ هَهُنَا لَيْسَ لَهُ، إنَّمَا الْحَدُّ لِأُمِّهِ، وَإِنَّمَا قَامَ هُوَ بِالْحَدِّ لِأُمِّهِ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ مَيِّتَةً، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ حَيَّةً فَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَقُومَ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تُوَكِّلَهُ. قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا، وَسَأَلَهُ قَوْمٌ عَنْ امْرَأَةٍ كَانَتْ لِرَجُلٍ فَفَارَقَهَا وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَتَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْهَا كَلَامٌ فَقَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِوَلَدِي. فَقَامَ إخْوَتُهُمْ لِأُمِّهِمْ - بَنُو الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِهِ - فَقَالُوا: نَأْخُذُك بِحَدِّ أُمِّنَا لِأَنَّك قَذَفْتَهَا وَقَامَتْ الْأُمُّ بِذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرَادَ قَذْفًا، وَمَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ: لَوْ كُنْتُمْ وَلَدِي لَأَطَعْتُمُونِي وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِمَّا يَقُولُهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ جُلِدَ الْحَدَّ.

قُلْت: أَرَأَيْت إذَا قُذِفَتْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ فَقَامَ بِحَدِّهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ أَوْ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ ابْنُ أَخٍ أَوْ عَمٌّ أَوْ أَبٌ، أَيُمَكَّنُ هَؤُلَاءِ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ أَمَّا فِي الْمَوْتِ فَنَعَمْ وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَلَا.

[فِي الرَّجُلِ يَقْذِفُ الرَّجُلَ عِنْدَ الْقَاضِي]

قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقْذِفُ الرَّجُلَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>